الأربعاء، 6 يناير 2016

النظام الغذائي في القرآن د-النابلسي



بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
المذيع :
 مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من الكلمة الطيبة ، يقول عز وجل في محكم كتابه العزيز :

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)﴾
(سورة البقرة)
 مشاهدينا الكرام : من مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الآيات الواردة في الطعمة والشربة ، فقد أحل القرآن أصنافاً من الأطعمة والأشربة ووصفها بالطيبة ، كما حرم أصنافاً أخرى ووصفها بالخبائث ، وقد أثبت العلم الحديث أن كل الأطعمة والأشربة التي أحلها القرآن الكريم ، واعتبرها رزقاً طيباً ، مفيدة للإنسان جسداً وروحاً ، وأن الأطعمة التي حرمها مضرة للإنسان جسداً وروحاً كذلك .
ترحيب حار بالدكتور محمد راتب النابلسي :
 في هذه الحلقة يسرني أن أستضيف الدكتور محمد راتب النابلسي أستاذ مادة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة ، في كليات الشريعة وأصول الدين بدمشق ، لنتعرف من خلال الحوار معه عن الإشارات القرآنية للنظام الغذائي وفوائد الأطعمة والأشربة التي ذكرها القرآن الكريم ، ومدار عدد من الأطعمة التي حرمها القرآن الكريم ، وهل في القرآن الكريم نظام غذائي كامل يمكن الاستفادة منه لتحقيق الصحة والسلامة الجسدية والنفسية ؟
 أهلاً بكم دكتور ، يلاحظ أن القرآن الكريم فيه آيات كثيرة ، أشارت إلى مجموعة أو عنوان من الأطعمة أو الأشربة سواء في الدنيا أو في الآخرة ، كذلك تحدث القرآن الكريم بتحليل مجموعة من الأطعمة وتحريم أصناف أخرى من الأطعمة ، دكتور في البداية لو نتعرف كيف نفهم ، أو أين نضع هذه الآيات في مجال التشريع والإعجاز التشريعي في القرآن الكريم في مجال الغذاء ؟
الأصل في الأشياء الإباحة و الأصل في العقائد والعبادات الحظر :
الدكتور راتب :
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صاحبته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
 الحقيقة الأولى أن الأصل في الأشياء الإباحة ، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي والثابت ، أما الأصل في العقائد والعبادات الحظر ، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت ، إذاً حينما قال الله عز وجل :
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ﴾
( سورة البقرة الآية :29 )
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ (32)﴾
( سورة الأعراف )
 إذاً الأصل في الأشياء الإباحة ، وحينما قال الله عز وجل :
﴿ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ (19)﴾
( سورة الأعراف )
 أي نسبة المحرمات من الأطعمة لا تكاد تكون واحد بالمليون ،
﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾
 هذه الشجرة واحدة .
العلاقة بين الأمر والنهي والعلاقة بين الأمر ونتائجه وبين النهي ونتائجه علاقة علمية :
 إذاً إذا قلنا الحلال كل شيء حلال عدا ما حرم الله عز وجل بمادة أو مادتين لا تزيد ولا تنقص ، فلذلك الأصل في الأشياء الإباحة ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي والثابت، لكن الحقيقة الدقيقة والخطيرة أن العلاقة بين الأمر والنهي والعلاقة بين الأمر ونتائجه وبين النهي ونتائجه علاقة علمية ، بمعنى لو أن طفلاً وضع يده على المدفأة ، العلاقة بين وضع يده واحتراق اليد وهي مشتعلة علاقة علمية ، أي علاقة سبب بنتيجة ، أما إذا منع الأب أولاده أن يخرجوا من باب معين فخرج أحدهم فضربه لا يوجد علاقة علمية بين خروج إنسان من باب وضع للخروج لكن الأب منعه وضعاً ، لذلك هناك علاقة علمية وعلاقة وضعية .
 أتصور أنا أن كل شيء أمر الله به العلاقة بينه وبين نتائجه علاقة علمية ، وأن كل شيء نهى الله عنه العلاقة بين النهي والنتائج علاقة علمية ، فلذلك بدافع محبة الذات ، بدافع حب وجود الإنسان ، بدافع حب سلامة وجوده ، بدافع حب كمال وجوده ، بدافع حب استمرار وجوده ، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع ، أي بكلمة قد لا تقال دائماً بدافع أنانيته ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع ، لأن هذه التعليمات التي جاء بها القرآن الكريم من عند الواحد الديان ، من عند العليم ، من عند الخبير ، وهذه التوجيهات النبوية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ليست من خبراته ، ولا من تجاربه ، ولا من ثقافته ، ولا من اجتهاده ، ولا من معطيات عصره ، إنها وحي يوحى :
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)﴾
( سورة النجم )
الخلل في الإنسان نفسه لأنه يغير خلق الله عز وجل :
 لكن النقطة التي ينبغي أن نبدأ بها هذه الحلقة حينما قال :
﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78)وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79)وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾
( سورة الشعراء )
 عزي المرض إلى الإنسان ، لأن الإنسان خلق في أحسن تقويم ، لكن هو حينما يغير خلق الله ، حينما يأكل أطعمة محفوظة من أمد طويل ، حينما يلغي الخضار الطازجة من حياته ، حينما يلغي الفواكه يكتفي بالعصير مثلاً ، حينما يغير أصل التصميم ، تقع مشكلة .
المذيع :
 الخلل هو الإنسان نفسه .
الدكتور راتب :
 عزي المرض إلى الإنسان أو إلى العصر الذي نعيش به .
المذيع :
 هل نستطيع أن نتحدث عن إعجاز تشريعي من خلال هذه الإشارات ، أو الآيات الواردة في مجال التربية ونحن طبعاً نتحدث بالتفصيل عن ذلك ؟ تفضل .
الإشارات والتوجيهات الصحية تتعلق تارة بالعبادة التعاملية وتارة بالإعجاز العلمي :
الدكتور راتب :
 إن صحّ أن هناك مثلثاً قسم إلى أربعة أقسام ، القسم الأول هو العقائد ، إن صحت العقيدة صح السلوك وسلم الإنسان وسعد في الدنيا والآخرة ، والقسم الثاني العبادات الشعائرية من صلاة ، وصوم ، وحج ، وزكاة ، القسم الثالث : عبادات تعاملية ، المعاملات ، وتندرج هذه الآيات التشريعية المتعلقة بالغذاء في القسم الثالث في العبادات التعاملية ، والقسم الرابع الآداب ، آداب الطعام ، آداب الشراب ، آداب عيادة المريض ، فنحن عندنا عقائد وعبادات ومعاملات وآداب ، هذه تدرج في القسم الثاني لكن لها زاوية ثانية ، النبي صلى الله عليه وسلم جاء لكل البشر :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾
( سورة الأنبياء )
 كتابه خاتم الكتب ، فلذلك معجزة النبي تتميز بأنها علمية وليست حسية ، الأنبياء السابقون جاؤوا لأقوامهم معهم معجزات حسية ، هذه المعجزة الحسية كعود الثقاب ، تتألق وتنطفئ ، وتبقى خبراً يصدقه من يصدقه ويكذبه من يكذبه ، لكن لأن هذا الكتاب المعجز كتاب إلى نهاية الحياة وخاتم الكتب ، ولأن هذا النبي الكريم آخر الأنبياء والمرسلين ولأنه للناس كافة :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾
( سورة الأنبياء )
 إذاً ينبغي أن تكون معجزته مستمرة إلى نهاية الحياة ، ولن تكون مستمرة إذا كانت حسية ، ينبغي أن تكون علمية ، فلذلك في القرآن الكريم إشارات كثيرة جداً قد تزيد عن ألف وثلاثمئة إشارة ، كل هذه الإشارات تبين أن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم، فهذه الإشارات والتوجيهات الصحية تتعلق تارة بالعبادة التعاملية ، وتارة بالإعجاز العلمي .
المذيع :
 إذاً نستطيع أن نتحدث ولو أن المفسرين لم ينتبهوا إلى ذلك ، واعتبروها عبارة عن إخبار ، وليست آداباً أو توجيها .
توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم المذهلة إنما هي وحي يوحى :
الدكتور راتب :
 توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم المذهلة أنه نهانا عن قطع رأس الدابة أثناء ذبحها ، لما لا نعلم ، لا يوجد مركز علمي في الأرض يستطيع أن يفسر حكمة هذا الأمر ، لا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بعد مئة عام ، ولا بعد خمسمئة عام ، ولا بعد ألف عام ، ولا بعد ألف و أربعمئة عام ، قبل عقدين من الزمن ظهرت الحقيقة هو أن القلب ينبض ثمانين نبضة بأمر من مركز كهربائي ذاتي ، لو تعطل هذا المركز هناك مركز احتياطي ثان، لو تعطل الثاني ، هناك مركز احتياطي ثالث ، لأن القلب عضو نبيل تتعلق به الحياة لا يمكن أن يكون تحت رحمة الشبكة العامة ، له كهرباء خاصة ، لكن هذه الكهرباء الخاصة في القلب لا تعطي إلا ثمانين نبضة فقط ، والإنسان يحتاج في حياته أحياناً إلى مئة وثمانين نبضة ما الذي يحصل لا بدّ من التوضيح ، أنا أمشي في بستان ، وجدت أفعى ، ما الذي حصل ؟ انطبعت صورة الأفعى على شبكية عيني ، هنا لا تقرأ الصورة ، تنتقل إلى الدماغ ، في مركز الرؤية ملف الثعابين ، جاء من تجربته ، من قراءاته ، من معلوماته ، من قصص سمعها ، هذا الملف ملف الثعابين في الدماغ مع مركز الرؤية يفسر هذه الصورة ، فالدماغ ملك الجهاز العصبي يدرك أن هناك خطراً ، يلتمس من ملكة اسمها الغدة النخامية ، ملكة الجهاز الهرموني ، هذه الملكة وزنها نصف غرام ، تفرز ثمانية هرمونات ، لو تعطل أحد هذه الهرمونات لأصبحت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، فالملك الدماغ يلتمس من الملكة أن تواجه الخطر عندها وزير داخلية هو الكظر فوق الكليتين ، تعطي هذه الملكة صغيرة الحجم كبيرة المفعول أمراً إلى وزير داخليتها ، أن واجه الخطر ، هذا الكظر يرسل أمراً هرمونياً إلى القلب ، يرفع النبض لمئة وثمانين نبضة ، و يعطي أمراً هرمونياً إلى الرئتين ليزداد وجيب الرئتين ، و أمراً ثالثاً إلى الأوعية المحيطة ، تضيق لمعتها فيصفر لون الخائف ، و أمراً رابعاً إلى الكبد لإطلاق كمية سكر إضافية ، و أمراً خامساً إلى الكبد لإطلاق هرمون التجلط ، هذا يتم بثوان ، الشاهد إذا ذبحت الدابة وقطع رأسها تعطل الأمر الاستثنائي لرفع النبض لمئة وثمانين نبضة ، فلا يخرج إلا ربع الدم ، وتبقى الدابة زرقاء اللون ودمها فيها ، أما إذا بقي رأسها موصولاً بها يعمل الأمر الاستثنائي عن طريق الدماغ ، الغدة النخامية ، الكظر ، إلى القلب برفع إلى مئة وثمانين نبضة ، عندئذ يخرج الدم كله من الحيوان يصبح هذا اللحم أزهر اللون .
المذيع :
 أنا أسألك من المحرمات ، الدم والميتة كذلك .
الدكتور راتب :
 إلا أن الدم المسفوح ، الدم المحرم مقيد أنه مسفوح ، الدم في الجسم يصفى باستمرار عن طريق الكليتين ، هناك تصفية مستمرة ، أما إذا سفح الدم فهو دم مؤذٍ جداً ، فيه كل الجراثيم والأمراض مجتمعة في الدم ، لهذا حرمه الله علينا بل حرم بقاءه في الدم ، الدابة التي لم تذكَ لا تؤكل .
المذيع :
 هناك ملاحظة أخرى هو عندما نطّلع على هذه الآيات التي تتحدث عن الأطعمة ، القرآن يصف الأطعمة الحلال بأنها طيبة والأطعمة المحرمة بأنها رجز وخبيثة .
العلاقة بين الطعام الطيب وبين نتائجه علاقة علمية تطيب به النفس :
الدكتور راتب :
 يا سيدي العلاقة بين الطعام الطيب وبين نتائجه علاقة علمية ، تطيب به النفس ، طعام حلال أي طعام طيب بمعنى سمح الله بأكله ، ما دام الخالق الخبير العليم قال :
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
( سورة فاطر )
 سمح بأكله إذاً هو طعام طيب تطيب به النفس ، لكن الحلال له وضع ثان ، قد تأكل أطيب الطعام سمح الله به إن لم تدفع ثمنه فهو طعام حرام خبيث تخبث به النفس ، تفضلت في المقدمة أن هناك فوائد جسمية وروحية ، الطعام الحلال الذي اشتري بمال حلال هو طعام طيب ، تطيب به النفس في علاقتها بربها ، أما الطعام ولو كان في الأصل حلالاً لكن اشتري بمال حرام ، بني على أخذ أموال الناس بالباطل ، لا تطيب النفس في علاقتها مع ربها به ، أنا أريد طعاماً تطيب به النفس جسماً ونفساً .
المذيع :
 الطيب إذا رجعنا إلى القرآن الكريم يقول :
﴿ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ (26)﴾
(سورة النور)
 لها بعد روحي ، كلمة طيبة وإنسان طيب .
الطيب من الشيء أحسنه :
الدكتور راتب :
 هناك عمل طيب ، الطيب ـ كما قال علماء اللغة ـ من كل شيء أحسنه ، الطيب من الشيء أحسنه ، إنسان طيب ، هناك طعام طيب ، وهناك لقاء طيب ، وهناك بيت طيب تقام فيه العبادات ، الطيب من كل شيء أحسنه ، فلذلك الطعام الطيب هو الذي سمح الله به أولاً ، واشتري بمال حلال ، والدليل :
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
[أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]
 الطعام الطيب ما سمح الله به أولاً ، الطعام الطيب ما اشتري بمال حلال ، العلماء قالوا : حلال لذاته أو حرام لذاته و حرام لغيره ، حرام لذاته الخنزير محرم أكله ، أما لو اشترى الآن لحم غنم حلال بمال حرام صار محرماً ، فإما أن يحرم الشيء لذاته أو لغيره .
المذيع :
 هنا الأمر اختلف قد يكون كما تفضلتم فليكن الطعام حلالاً ولكن اشتري بمال حرام يصبح معنوياً .
الحلال و الحرام :
الدكتور راتب :
 الحقيقة ما هو المال الحرام ؟ هو مال يعد منفعة بني على مضرة كالسرقة ، كالقمار ، كاليانصيب ، كل مال أخذ بناء على مضرة ، ما المال الحلال ؟ منفعة بنيت على منفعة ، تاجر فتح محلاً تجارياً بحيّ من أحياء المدينة ، جاء ببضاعة جيدة ، باعها بسعر معتدل ، زاد على رأسماله مبلغاً بسيطاً ليعيش منه ، وانتفع وكل من حوله انتفع بهذه البضاعة الجيدة بسعر معتدل ، فإذا قلنا ما الحلال ؟ هو مال جني من منفعة تقابل منفعةً ، أما أي منفعة بنيت على مضرة فهي مال حرام ، فالطعام الذي سمح الله بأكله وهو حلال في الأصل إذا اشتري بمال حرام يصبح حراماً ، يقول العبد : يا رب ويا رب ، مأكله حرام ، ومشربه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب له ؟
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
[أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]
المذيع :
 هنا المضار الأخرى ، المضار الروحية للطعام الحلال ، كما تفضلتم حلال ولكن اشتري بمال حرام .
الدكتور راتب :
 ما دام اشترى هذا الطعام بالمال حرام أو لم يدفع ثمنه أخذه واستغل غفلة البائع لم يدفع ثمنه أصبح حجاباً بينه وبين الله .
المذيع :
 قد لا يكون مضراً على مستوى الخمر ، ولكن قد يكون مضراً .
الدكتور راتب :
 لحكمة بالغة حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ))
[أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عباس ]
 معنى هنا الطعام الطيب ليس الطعام اللذيذ ، الطعام الطيب الذي اشتري بمال حلال ، قد تأكل أخشن طعام ، وأسوأ طعام ، اشتري بمال حلال وهو عند الله طيب ، وقد تأكل طعاماً كلف آلافاً مؤلفة ، لكنه اشتري بمال حرام ، أو لم يدفع ثمنه ، فهو طعام عند الله خبيث وحرام .
المذيع :
 عند وصف المحرم بأنه رجس ، هناك إشارة بأن الأوثان رجس وأن الشرك رجس ، كيف نفهم هذه ؟
الرجس و النجس :
الدكتور راتب :
 قالوا : الرجس هو النجس ، نجس لذاته لا لغيره ، بمعنى الشيء النجس يطهر ، أما النجس لا يطهر ، كذلك الرجس شيء يحجب عن الله كلياً ، الشرك بالله الطريق إلى الله غير سالك ، هناك ذنب يغفر ما كان بينك وبين الله ، وذنب لا يترك ما كان بينك وبين العباد، حقوق العباد مبنية على المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة ، لكن الذنب الذي لا يغفر الشرك وهو الرجس لأن النجس لا يطهر ، هو عين النجاسة ، أنا أطهر إناء نجساً أغسله جيداً سبع مرات ، أما النجس نفسه لا يطهر ، أخطر شيء أن تأكل طعاماً يحجبك عن الله ، مرة سألني إنسان لماذا الخنزير محرم ولماذا خلقه الله أصلاً ؟ خطر في بالي أن في البيت مكنسة ، هذه تؤكل ؟ قد يقول أحدهم لماذا اشتراها صاحب البيت ؟ اشتراها ليكنس بها الأرض ، وكذلك الخنزير أطيب طعام عنده الجيف ، حينما تموت قطة أو كلب في الفلاة رائحتها لا تحتمل ، يأتي الخنزير ويأكلها كأطيب طعام ، يأكل الجرذان الميتة ، يأكل الخنازير، الخنزير مهيأ لحل مشكلة في الأرض لا لأكله ، وأحياناً الحرام يأتي من سوء الحرام .
المذيع :
 سنتحدث عن ذلك ونعود ، بالنسبة للأطعمة الحلال نجد أن القرآن الكريم أشار إلى مجموعة من الأطعمة ، في سياق آيات وأحاديث خاصة ، واعتبرها أطعمة ذات فائدة مهمة ، مثل التين والزيتون ، سؤالنا أولاً قبل أن نتحدث عن هذه الأطعمة ، لماذا اختصر القرآن الكريم فقط على هذه الأصناف ولم يذكر أصنافاً أخرى مع أن الأطعمة كثيرة جداً ؟
النظام الغذائي في القرآن الكريم و من هذه الأغذية :
1 ـ القمح :
الدكتور راتب :
 هناك اجتهاد في تفسير هذه الآيات ، أن هذه الأصناف لها ميزات كبيرة جداً ، مثلاً القمح جاء في القرآن الكريم كالسنابل ، معلوماتي الدقيقة أن هذه القمحة لها وزن ، لها غلاف خارجي ـ قشرة خارجية ـ ولها رشيم ، ولها قشرة داخلية ، مجموع هذه الأشياء الثلاثة لا تزيد عن أربعة عشر في المئة من وزنها ، لكن كل الفيتامينات وكل المعادن وأشباه المعادن وكل الفوائد في هذه الأربعة عشر جزءاً من مئة غرام ، مثلاً هناك ستة فيتامينات بالقشرة ، هناك مادة فسفورية تعد غذاءً للدماغ ، في الحديد يهب الدم قوة وسلامة ، في الكالسيوم يبني العظام ، السيلكون من أجل الشعر ، اليود للغدة الدرقية ، البوتاسيوم والصوديوم والمغنيزيوم ، كل هذه المعادن وهذه الفيتامينات كلها في القشرة نطعمها للدواب ونأكل النشاء وهو غراء جيد للمعدة ، وقد قيل : احذروا الأغذية البيضاء الثلاث ، الطحين الأبيض والسكر الأبيض والملح الأبيض ، نحن نعطي الدواب أفضل ما في القمح ، الفيتامينات الستة ، وكل هذه المعادن موجودة في قشر القمح ، ننخل القمح ونعطي هذه القشور للدواب ونأكل الغراء الذي يسبب متاعب لا تنتهي في جهاز الهضم ، مع أن هذا القشر لا يمكن أن يسبب إمساكاً ، والإمساك يسبب خمسين مرضاً بالإنسان ، لا يمكن أن يكون إمساك مع تناول القمح بقشره ، أي النخالة ، و النبي صلى الله عليه وسلم ما أكل خبزاً منخولاً أبداً ، بل قال بعضهم : أول بدعة ابتدعها المسلمون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نخل الدقيق ، الله عز وجل صمم هذا القمح لنأكله بكامله ، إذاً هناك معادن ، فيتامينات ، مواد هذا بالقمح ، فهذا من إعجاز القرآن الكريم ، جعل هذا القمح غذاءً كاملاً .
2 ـ الحليب :
 القمح والحليب ، الحليب النبي صلى الله عليه وسلم :
(( اللَّهمَّ بارك لنا فيه وزِدْنَا منه ))
[ ابن ماجه عن ابن عباس]
 الغدة الثديية في البقرة عبارة عن قبة يجري فوقها شبكة أوعية دموية دقيقة جداً ، الخلية الثديية حتى الآن لا يعرف كيف تختار من الدم الفيتامينات ، والمعادن ، والمواد الدسمة، والشحوم ، والبروتينات ، نسب رائعة جداً تتناسب مع حاجة الإنسان ، هذه الغدة الثديية ترشح نقطة حليب تتجمع في ثدي البقرة في الضرع ، هذا الضرع لئلا يتمزق مدعم من الداخل بجدارين متعاكسين ، في أربع حلمات ، لو أن لكل شاب أربعة أخوة لهم بقرة ، يأخذ كل شاب من إحدى الحلم ربع الكمية تماماً ، وحتى الآن لا أحد يعلم هذه الغدة الثديية كيف تأخذ من الدم ما يروق لها ، فوقها يجري الدم ، بل قال بعض العلماء : أربعمئة حجم من الدم يساوي حجم حليب واحد . فالحليب من آيات الله عز وجل :
﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)﴾
( سور النحل )
 الغدة الثديية هناك دم ، وهناك فرث ، أي هناك مواد ضارة ، يطرحها الإنسان عن طريق الكليتين ، فهذه الغدة الثديية تأخذ من الدم ما يناسبها .
﴿ٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾
.
المذيع :
 سنقف مع فاصل ونتابع هذا الحوار ، أهلاً بكم مجدداً لنتابع هذا الحوار مع الدكتور محمد راتب النابلسي عن النظام الغذائي في القرآن الكريم ، دكتور الآن قبل الفاصل تحدثنا عن القيمة الغذائية للقمح وكذلك الحليب ، لماذا القرآن الكريم أشار إلى هذه الأغذية ولم يشر إلى أغذية كبيرة جداً ، وهناك من الأغذية والأطعمة القرآن الكريم أشار إلى فائدتها مثل العسل ، قال : فيه شفاء للناس .
3 ـ العسل :
الدكتور راتب :
 الحقيقة أن العسل صيدلية ، تقريباً يوجد سبع وستون مادة غذائية من أعلى مستوى، وكيلو العسل يحتاج إلى طيران أربعمئة ألف كيلو متر ، لو أن نحلة واحدة طارت حول محيط الأرض أربعمئة ألف مرة تصنع كيلو عسل ، العسل كما قال الله عز وجل عنه :
﴿ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ (69)﴾
( سورة النحل )
 كلمة شفاء أي شيء من خالق الكون ، شيء مذهل ، الحقيقة مجتمع النحل من آيات الله الدالة على عظمته ، النظام الاجتماعي فيه مذهل ، فيه عاملات وفيه ملكة وفيه ملك وفيه لكل عاملة وظيفة ، وفيه عاملات حارسات ، و فيه عاملات منشطات ، و فيه عاملات للتهوية ، وعاملات للتنظيف ، وعاملات لثقب الجدران ، وعاملات للصيد ، هذا العسل أولاً لا يقبل الفساد إطلاقاً .
 شيء آخر : لا يفسد ، فتركيز المادة السكرية فيه عالية جداً ، بحيث لو أن جرثوماً وصل إليه لامتصه ، هو معقم ، الآن في العمل الجراحي يضعون العسل على الجرح، يسرع التئام الجرح به ، العسل فيه سكريات ، فيه فيتامينات ، فيه معادن ، فيه أشباه معادن ، فيه تفصيل له مذهل ، هذا من خلق الله عز وجل ومن آيات الله الدالة على عظمته ، هو الغذاء ، فيه شفاء وآلية العمل في مملكة النحل ، النحلة لا يمكن أن تدخل لغير خليتها السبب أن هناك كلمة سر لكل خلية ، فلو لم تحفظ هذه الكلمة تقتل ، فلا بد من حفظ هذه الكلمة ، ومن حين لآخر تبدل كلمات السر ، هناك آلاف الخلايا في الحقل ما من نحلة إلا وتدخل إلى خليتها عن طريق كلمة السر . 
المذيع :
 نظام دقيق جداً .
الدكتور راتب :
 نظام دقيق جداً ، وهناك ملكة مشرفة ، حينما تحمل من الذكر تضع بيوض الملكات في مكان ، وكأنها تعلم مسبقاً ما الذي سيكون من نتاج هذه الولادة ، تضع الذكور في مكان والعاملات في مكان ، من آيات الله الإعجازية في النحل أن الله عز وجل قال ، النحلة جاءت مؤنثة :
﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا(68)﴾
(سورة النحل)
﴿ اتَّخِذِي ﴾
 فخوطبت النحلة ، ياء مؤنثة مخاطبة ، من كان يعلم وقتها أن التي تصنع العسل هي أنثى ؟ هذا من إعجاز القرآن الكريم ، وهناك مؤلفات في مصر اطلعت عليها ، كتاب بأكمله عن إعجاز الآية ، كلمة كلمة حرف حرف ، نحن نريد التفصيل لكن الوقت لا يسمح .
المذيع :
 هذا بالنسبة للعسل ، كذلك التين والزيتون .
4 ـ الزيت :
الدكتور راتب :
 شيء مذهل النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((كلوا الزيت فإنه مبارك وائتدموا به وادهنوا به ، فإنه يخرج من شجرة مباركة))
[ الدارمي عن أبي أسيد الأنصاري]
 العلماء قالوا : " زيت الزيتون أسهل أنواع الزيوت هضماً ، فيه قيمة وقائية وعلاجية وغذائية ، زيت الزيتون يخفض الكولسترول الضار، ويرفع الكولسترول النافع ، زيت الزيتون مضاد لضغط الدم المرتفع ، أي يعالج الضغط بزيت الزيتون ، زيت الزيتون مضاد لمرض السكر ، زيت الزيتون فيه وقاية للشرايين والأوعية ، عمر الإنسان بعمر شرايينه ، لو أن إنسان نجا من كل الأمراض الخبيثة والعضالة والمميتة كيف يموت ؟ يموت بتصلب الشرايين ، و زيت الزيتون يطيل عمر الشرايين أي يكسبها مرونة فائقة جداً ، لذلك لوقاية الشرايين والأوعية من التصلب وترسب المواد الدهنية في الشرايين هذا من مهمة زيت الزيتون .
المذيع :
 طبعاً لا نستطيع أن نفصل كثيراً فقط الإشارة .
الدكتور راتب :
 الإشارة الأخيرة مئة غرام من الزيتون فيها بروتينات ، وفيها دسم ، وفيها بوتاسيوم ، وكالسيوم ، ومغنيزيوم ، وفسفور ، وحديد ، ونحاس ، وكبريت ، وهناك ألياف ، وغني بأهم الفيتامينات ، شيء مذهل في زيت الزيتون ، لذلك يعد الغذاء الأول ، هناك بحث في أمريكا يؤكد أن أفضل غذاء في العالم غذاء الشرق الأوسط ، لأنه يعتمد على زيت الزيتون .
المذيع :
 طبعاً هذا الكلام أعتقد نفسه نقوله بالنسبة للتمر وللتين وللرمان .
5 ـ الرمان :
الدكتور راتب :
 الرمان أستاذ محمد شيء مذهل ، مذيب للمواد الدهنية ، من أكل الرمان بكثرة ـ حمض الرمان يذيب المواد الدهنية في الدم ـ كأنه يطيل أمد فتحة شرايينه الممتازة ، أحياناً هناك مواد دهنية تترسب على جدران القلب ، للتقريب النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم ))
[أخرجه الطبراني عن عائشة أم المؤمنين ]
 هذا الحديث فيه إعجاز الإنسان إذا أكل ونام القلب ينزل نبضه من ثمانين نبضة إلى خمس وخمسين نبضة ، فإذا ضعف النبض يمشي الدم بطيئاً في الجسم ، فإذا مشى بطيئاً ترسبت بعض المواد الدهنية في الجدران ، فإذا ترسبت تصلب الشريان ، الشريان في الأساس مرن ، الشريان قلب آخر ، فعندما ينبض القلب الشريان مرن يتجاوب معه فيتوسع ، ولأنه مرن ينقبض ، يتوسع وينقبض صار قلباً ثانياً .
المذيع :
 لا ينصح بالأكل بالليل وخاصة الدسم .
الدكتور راتب :
 أبداً ضع يدك هنا تحس أن هناك نبضاً ، الشريان مرن ، يتوسع وينقبض ، إذا توسع وانقبض صار قلباً آخر فجميع الأوعية هي قلوب ، فما دام الشريان مرناً فالقلب مرتاح، فإذا تصلب الشريان من ترسب المواد الدهنية عليه تعب القلب :
(( ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم ))
[أخرجه الطبراني عن عائشة أم المؤمنين ]
 أنا أنصح الأخوة المشاهدين الوجبة الرئيسة الأولى طعام الصباح لأن بعده هناك ثماني ساعات عمل ، العلماء يقترحون أن يأكل الإنسان نصف كمية الطعام صباحاً ، وخمسة وثلاثين بالمئة ظهراً ، وخمسة عشر بالمئة مساءً لكن قبيل أن ينام بأربع ساعات ، وإلا هناك مشكلة :
(( أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم ))
[أخرجه الطبراني عن عائشة أم المؤمنين ]
المذيع :
 هذا بالنسبة للأطعمة الحلال الطيبة ، القرآن الكريم كذلك في نص حرم الدم ، لحم الخنزير ، الميتة ، وكذلك الخمر ، لماذا حرم القرآن الكريم هذه الأطعمة ؟
الحكمة من تحريم الله عز وجل بعض الأطعمة :
الدكتور راتب :
 بصراحة لو لم يكن هناك محرمات لن يكون هناك تكليف ، نحن جئنا إلى الدنيا كي ندفع ثمن الآخرة ، أتصور إن لم يكن هناك شيء محرم إطلاقاً لما وجدت الجنة ، الله عز وجل أباح لنا كل شيء وحرم علينا أشياء محدودة ، بربك كم نوع عصير في الأرض الآن ؟ هناك آلاف أنواع العصائر ، الله حرم علينا الخمر ، لأنه يذهب بالعقل ، ولو جمع الشر كله في بيت لكان مفتاحه السكر ، يروون قصة سريعة أن إنساناً خيروه بين أن يشرب الخمر وبين أن يزني وبين أن يقتل فاختار بفهمه السقيم أهون شيء ، فلما شرب الخمر زنا وقتل ، المشكلة أنه جمع الخمر كله في بيت مفتاحه السكر .
 شيء آخر يهمنا الآن العالم يتجه نحو الإسلام ، عند المسلمين حالة اسمها الأمن العقدي ، ما من حدث يقع في العالم إلا و يؤكد عظمة هذا الدين ، فانهيار النظام المالي يؤكد عظمة هذا الدين ، الآن العالم الغربي يبحث بالنظام الإسلامي المالي ، الآن الاتحاد السوفيتي قبل أن ينهار حرم الخمر تحريماً كاملاً ، والآن حرموا النوادي الليلية قبل أسبوع أو عدة أسابيع .
المذيع :
 من الجرائم الكثيرة .
ما من حدث يقع في العالم إلا و يؤكد عظمة هذا الدين :
الدكتور راتب :
 الغرب أو الشرق يقترب من الدين لا عن عبادة ولكن عن مصلحة ، الدين منهج خالق الأكوان ، الحقيقة كانت الكتل المبدئية في العالم ، الشرق والغرب والإسلام ، فالشرق آمن بالمجموع وسحق الفرد أحياناً ، والغرب آمن بالفرد ولم يهتم بالمجموع ، والإسلام منهج خالق الأكوان ، الذي حصل أن الشرق تداعى من الداخل وانتهى الأمر ، بقي الغرب والإسلام، فالغرب قوي جداً ، وذكي جداً ، وغني جداً ، وطرح قيماً سابقة رائعة جداً ، خطف بها أبصار أهل الأرض ، أما بعد الحادي عشر من أيلول كان الغرب حضارة فأصبح قوة غاشمة ، ولم يبقَ على سطح المبادئ والقيم إلا الإسلام ، لذلك قال بعض علماء الغرب الذين هداهم الله إلى الإسلام : " أنا لا أصدق أن يستطيع العالم الإسلامي اللحاق بالغرب على الأقل في المدى المنظور ، لاتساع الهوة بينهما ، ولكنني مؤمن أشد الإيمان أن العالم كله سيركع أمام أقدام المسلمين لا لأنهم أقوياء ولكن لأن خلاص العالم في الإسلام " .
المذيع :
 نعلم كما تفضلت أن كثيراً من الدراسات كشفت عن خطورة الخمر عشرات بل مئات الأمراض ، الخنزير أعتقد أن العالم يتجه إلى تحريمه .
المؤمن ينصاع لأمر الله عرف حكمته أم لم يعرف :
الدكتور راتب :
 والله من آيات الله الدالة على عظمته هناك أنفلونزا الخنازير التي تنتقل إلينا عبر الخنازير ، الآن هناك نفور من هذا اللحم كبير جداً ، على كلٍّ من حيث علم الأصول علة أي أمر أنه أمر ، أنت لك طبيب تثق به ثقة غير محدودة ، قال لك : دع الملح ، هذا الكلام من عالم كبير ، من عالم مخلص كلامه أمر ، بالمناسبة هناك ملاحظة مهمة جداً كلما عرفت التفاصيل قلت قيمة العبادة في الأمر ، أنت حينما تقول لابنك : نظف أسنانك يا بني ، الهدف واضح ، فإذا قام نظف أسنانه فعل شيئاً لصالحه ، أما طعام نفيس وهو جائع لا تأكل يا بني ، يقول لك : حاضر سمعاً وطاعة ؟! فكلما توضحت حكمة الأمر ضعفت نسبة العبادة فيه ، أما الأمر الذي لا يحتمل اذبح ابنك ـ سيدنا إبراهيم ـ قال : يا أبتِ افعل ما تؤمن ، فأنا أقول : المؤمن ينصاع لأمر الله عرف حكمته أم لم يعرف ، لأنه أمر وعلة أية أمر أنه أمر ، أنا أذكر قصة أن أحد علماء دمشق سافر إلى أمريكا ، والتقى مع إنسان من هذه البلاد أسلم حديثاً، ودار بينهما موضوع عن مضار لحم الخنزير ، وهذا العالم الدمشقي أفاض ساعة أو أكثر في الحديث عن مضار لحم الخنزير ، وعن الدودة الشريطية ، وكيف انتقال صفات الخنزير إلى آكليه ، والخنزير يجامع أنثاه أمام الكل ، لا يوجد شيء اسمه خجل عند الخنزير، يجامع أنثاه على مرأى من كل من حوله ، هناك حيوانات لا تجامع الأنثى إلا بمكان لا يراهم أحد كالجمل ، فالنتيجة هذا العالم الدمشقي فصل تفصيلاً غير معقول عن لحم الخنزير ، فما كان من هذا الذي أسلم حديثاً إلا أن قال له : كان يكفيك أن تقول لي : إن الله حرمه .هذا هو الإيمان ، لذلك قالوا : علة أي أمر أنه أمر .
المذيع :
 نقطة مهمة أعتقد أن البحوث والدراسات تؤكد التذكية أو الذبح ، الإسلام حرم الميتة و المنخنقة .
الإسلام حرم الميتة و المنخنقة لأن كل هذه المحرمات دمها فيها والدم مجمع الجراثيم :
الدكتور راتب :
 لأن كل هذه المحرمات دمها فيها ، والدم مجمع الجراثيم والأوبئة والأمراض ، لذلك لا يصح أن نأكل إلا الدابة المزكاة ، أنا لي صديق سافر إلى الصين ليشتري لحماً للقطر، فطلب ذبحاً بهذه الطريقة كما ذكرت التكبير وأن يبقى رأس الدابة مربوطاً ، فقالوا : إن كنت تريد هذه الطريقة بالذبح سنرفع السعر مبلغاً معيناً ، قال لمَ ؟ قال : يوجد ثمانية لترات دم تخرج من الدابة بهذه الطريقة ، معنى هذا أن معظم مسالخ العالم تعلق الدابة من أرجلها ويقطع رأسها كلياً يخرج من الدم تقريباً الخمس ، أما حينما يبقى الرأس موصولاً وتذبح من أوداجها كما وجه النبي عليه الصلاة والسلام الدم كله يخرج ، قد يقول قائل : السمك نأكله من دون ذبح لحكمة بالغة بالغة ، حينما نصطاد السمك ينتقل دمه كله إلى غلاصمه وكأنه ذبح .
المذيع :
 طبعاً النظام الغذائي هناك بحوث مهمة الآن تكتشف أو تحاول اكتشاف هذا النظام بالتفصيل ، والوقت لا يسعنا للحديث عن كل هذه القضايا فقط إشارات ، القرآن الكريم حينما وصف نعيم أهل الجنة وأكل أهل الجنة ، قال تعالى :
﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾
( سورة الواقعة )
 هنا بعض الباحثين قال : هذه الآية وغيرها تشير إلى الكثير من الحقائق الغذائية ، القرآن قدم الفاكهة على اللحم ولم يذكر أن هناك لحم الغنم والبقر بل قال لحم الطير ؟
الحكمة من تقديم القرآن الكريم الفاكهة على اللحم :
الدكتور راتب :
 سيدي أنت حينما تأكل التمرة فيها سكر فواكه ، هذا السكر ينتقل من الفم إلى مركز الشبع إلى الدم بعشر دقائق ، الإنسان متى يشبع ؟ بإحدى حالتين ، إذا تنبه مركز الشبع أو امتلأت المعدة ، فإذا بدأت الطعام بفاكهة ، بتمرة ، بتفاحة ، بعنب ، سكر هذه الفاكهة ينتقل من الفم إلى الدم بعشر دقائق إلى مركز الشبع ، فالإنسان مهما كان جائعاً إذا بدأ طعامه بالفاكهة تخف حدة الجوع ، فكان النبي عليه الصلاة والسلام في رمضان يأكل تمرات ويصلي المغرب ، فإذا جلس على الطعام جلس مرتاحاً وكأنه شبع ، لأن سكر الفاكهة أسرع مادة غذائية تصل لمركز الشبع ، أما لو بدأ الإنسان بالطعام لا يشبع إلا إذا امتلأت المعدة ، هذه مشكلة الصائم إذا ما بدأ بالتمر وصلى المغرب يأكل كثيراً بعدئذ تتعب عضلاته كثيراً .
المذيع :
 كم وكيف إذا بدأنا بالتمر أو بالفواكه ؟
الدكتور راتب :
 أنا كنت في البرازيل لا يبدؤون إلا بالفاكهة ، وفي ألمانيا و بريطانيا و الهند في هذه الدول معلوماتي الدقيقة لا يبدؤون الطعام إلا بالفاكهة ،
﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴾
 إشارة.
المذيع :
 نحن نبدأ بالطعام .
الدكتور راتب :
 لا نشبع إلا إذا امتلأت المعدة ، بينما لو بدأت بالفاكهة تشبع بعد عشر دقائق ، تصل المادة السكرية إلى مركز الشبع .
المذيع :
 هذا القرآن الكريم لم يشر إلى لحم البقر والإبل ، ولكن في الجنة قال لحم الطير.
الدكتور راتب :
 ذكر اللحم الطري وهو السمك ، ولحم الطير له طعم خاص جداً ، هذا من باب التميز جداً ، هذا التوجيه .
المذيع :
 بالنسبة للأشربة في القرآن الكريم أشار إلى مجموعة من الأشربة ، وأشار إلى الزنجبيل .
فائدة الزنجبيل :
الدكتور راتب :
 كل أدوية القلب في الزنجبيل ، فيه مادة مقوية ، مادة مميعة للدم ، مادة موسعة للشرايين ، مادة تقوي عضلة القلب ، ومادة تعين على توسع الشرايين ، ومادة تعين على تمييع القلب ، ومعظم أدوية القلب توسيع الشرايين وتمييع الدم وتقوية عضلة القلب ، في الزنجبيل أنا أتمنى أن يأخذه الإنسان كل يوم بطريقة أو بأخرى ، إما مع الشراب ، أو مع السلطة ، أو مع أشياء كثيرة .
المذيع :
 هل نستطيع من خلال هذه الإشارات في القرآن الكريم أن نكتشف نظاماً غذائياً نقول عنه : نظام غذائي إسلامي صحي على المستوى الجسدي ، وكذلك على المستوى النفسي، لاحظنا أن البعد الروحي موجود .
توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام الدقيقة في تناول الطعام و الشراب :
الدكتور راتب :
 أنا بلغني أن في ألمانيا مستشفى كتب على بنائها من الخارج :
 " نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع " .
 محمد بن عبد الله
 عدّ هذا الحديث أصلاً في الطب الوقائي ، الحقيقة توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام :
(( مصوا الماء مصاً ، ولا تعبوه عباً فإن الكباد من العب ))
[أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث انس بالشطر الأول، ولأبي داود في المراسيل من رواية عطاء بن أبي رباح "إذا شربتم فاشربوا مصا]
 من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه ، لا بد من غسل الفاكهة ، من أكل التراب بمعنى لم يغسل الفاكهة ، أنأ أقول : توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام توجيهات مذهلة ، الآن هناك كتب كثيرة ، الطب النبوي ، تبين توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام الدقيقة في تناول الطعام ، في الاعتدال في أكل الطعام ، لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ، نقوم من الطعام ونحن نشتهيه ، اجلس إلى الطعام وأنت تشتهيه ، وقم عنه وأنت تشتهيه ، هذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام .
المذيع :
 لا يأكل الإنسان إلا وهو جائع .
الدكتور راتب :
 نعم الإدام الجوع ، الجوع يحرض الخلايا الهاضمة كأنه إدام ، فهناك توجيهات نبوية كثيرة جداً في الطعام والشراب ، أن نشرب قاعدين لا قائمين ، أن نمص الماء مصاً .
المذيع :
 لماذا هذا المص ؟ 
الدكتور راتب :
 يبدو أنه أحياناً يكون الماء بارداً ، والجسم حرارته تقدر بسبع وثلاثين درجة ، وهناك عصب حائر ، اسمه العصب المبهم أو الحائر بين المعدة وبين القلب ، فهناك حالات بالعالم كثيرة موت مفاجئ ، لذلك الإنسان إذا كان بجو حار وشرب ماء بارداً دفعة واحدة قد يموت من هذه الشربة .
المذيع :
 حينما يخرجون من الحمام .
الدكتور راتب :
 العصب الحائر أو المبهم هذا بين المعدة والقلب فلذلك :
(( مصوا الماء مصاً ، ولا تعبوه عباً فإن الكباد من العب ))
المذيع :
 طبعاً نحن الآن في رمضان والنظام الغذائي يختل ومع أنه شهر صوم ؟!
الصوم وقائي وعلاجي :
الدكتور راتب :
 الواقع مؤلم جداً ، صار شهراً اجتماعياً ، الأطعمة المتعددة ، الولائم ، السهرات إلى ساعة متأخرة من الليل ، إهمال صلاة الفجر ، هذا شيء مؤلم جداً ، هو شهر عبادة ، نحن برمضان نشحن شحنة لشهر ، الصلاة شحنة ، والصوم شحنة ، والحج شحنة ، شهر الصوم يشحن لعام بأكمله ، الشيء المؤلم أنه يباع أغذية في رمضان أضعاف مضاعفة ما يباع في باقي الأشهر ، مع أنه شهر الصوم ، فلذلك الولائم يومية والأكل كثير ، والأكل يضعف الجسم ، الحكمة التي أرادها الله من هذا الشهر لا تتحقق لأن هذا الشهر صيانة للجسم من حيث النواحي المادية ، حينما يجوع الإنسان الطعام العالق في زوايا الأمعاء ينجرف ، أحياناً الصوم له آثار مفيدة جداً ، والحقيقة الصوم وقائي وعلاجي ، وقائي لمعظم الأمراض وعلاجي لبعض الأمراض ، فإذا جعلنا الصوم مناسبة للطعام والشراب ، أنا أقول غير ذلك كان الطعام في النهار صار في الليل ، هناك وجبة إفطار ووجبة قبل النوم وهناك سحور ، ثلاث وجبات وكأنه لم يصم . 
المذيع :
 من خلال ما تقدم والإشارة إلى هذه الأصناف في القرآن الكريم كيف نستفيد منها في الأكل في رمضان ؟
الأصناف في القرآن الكريم  كيف نستفيد منها في الأكل في رمضان ؟
الدكتور راتب :
 والله أنا أتمنى أن يأكل الصائم في طعام الإفطار تمرات ثلاث ويصلي المغرب ، سكر التمر ينتقل في عشر دقائق فقط من الفم إلى مركز الشبع في الدماغ ، لذلك العشر دقائق هي صلاة المغرب ، بعد هذه الدقائق العشر يشعر الصائم أنه شبع ليس بشكل كلي ولكن لم يعد هناك نهم لا يحتمل ، لم يعد هناك ألم شديد ، أكل تمرات ثلاث وشرب كأس ماء وصلى ، ينبغي أن يأكل طعاماً خفيفاً .
المذيع :
 الإسلام ركز على السحور ما السبب ؟
تركيز الإسلام على السحور :
الدكتور راتب :
 لأن معه صلاة فجر ، الله عز وجل أراد أن تصلي الفجر في جماعة ثلاثين يوماً ورد في بعض الأحاديث :
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح ))
[أحمد]
(( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))
[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
 صار الصيام يغفر الذنوب والقيام كذلك ، والصحة تستعيد نشاطها بسبب الصيانة التي تمت خلال شهر .
المذيع :
 بعض الناس في رمضان بدل التمر يتناولون جرعات قليلة من الماء ، والآن هناك بحوث مهمة جداً حول العلاج بالماء ، والقرآن : وجعلنا من الماء كل شيء حي ، أهمية الماء.
أهمية الماء :
الدكتور راتب :
 العلماء على سنوات معدودة كانوا يمنعون شرب الماء مع الطعام ، وكان هناك عالم في الشام أستاذ في كلية الطب لكنه يصر على عكس ذلك رغم كل البحوث ، ثم اكتشف أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال : ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ، معنى ذلك أنه لا مانع من أن تشرب الماء مع الطعام ، الآن البحوث أكدته ، الماء له فائدة كبيرة ، إن صيانة الكليتين الوحيدة في شرب الماء ، يجب أن تشرب الماء بشكل مستمر لو أنك بحاجة إلى الماء أو لست بحاجة إلى الماء .
المذيع :
 هناك بالإمكان أن نكتشف نظاماً غذائياً متكاملاً للصحة .
الدكتور راتب :
 من تطبيق توجيهات القرآن والسنة 

0 التعليقات: