الثلاثاء، 17 مايو 2016

الدخان محرم



بيع الدخان والجراك وأمثالهما:


السؤال الثاني من الفتوى رقم (1407)
س2: ما حكم التجارة في الدخان والجراك وأمثالهما، وهل تجوز الصدقة والحج وأعمال البر من أثمانها وأرباحها؟
ج2: لا تحل التجارة في الدخان والجراك وسائر المحرمات؛ لأنه من الخبائث، ولما فيه من الضرر البدني والروحي والمالي، وإذا أراد الشخص أن يتصدق أو يحج أو ينفق في وجوه البر فينبغي له أن يتحرى الطيب من ماله ليتصدق به، أو يحج به، أو ينفقه في وجوه البر؛ لعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [سورة البقرة الآية 267].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» الحديث (*). وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن منيع
السؤال الأول من الفتوى رقم (3952):
س1: ما حكم الإسلام في بيع الدخان (السجائر)، وإن كان بيعها أمرا من الوالد فهل هذا يكون عذرا، إن كان حراما فما العمل؟ وما حكم الإسلام في بيع البلبيف، واللانشون، والجبن المستورد؟ أفتونا مأجورين.
ج1: شرب الدخان حرام، والاتجار بيعا وشراء فيه حرام، ولو كان ذلك بأمر الوالد أو غيره؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما الطاعة في المعروف» (*) وإذا كان ما استورد من البلبيف واللانشون والجبن من حيوان مذبوح على غير الطريقة الشرعية، أو ثبت إضافة شيء إليه كشحم خنزير أو ميتة؛ لم يجز أكله، وحرم بيعه وشراؤه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
السؤال الثاني والثالث من الفتوى رقم (8982):
س2، 3: ما حكم الشريعة في بائع الدخان بأنواعه؟ أنا أدخن وحينما أسمع المؤذن أدخل المسجد، هل يجب علي أن أعيد الوضوء، أم المضمضة تكفيني وأنا أعلم بأن الدخان يسبب أمراضا شتى؟
ج2، 3: يحرم بيع الدخان؛ لخبثه وأضراره الكثيرة، وفاعل ذلك يعد فاسقا، ولا يجب إعادة الوضوء من شرب الدخان، لكن يشرع له إزالة الرائحة الكريهة من فمه بما يذهبها، مع وجوب المبادرة بالتوبة إلى الله من ذلك. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
الفتوى رقم (13853):
س: أخبركم بأني أنا وإخوتي يوجد لدينا بقالة، ونحن ثلاثة في هذه البقالة، وإن المذكورين واحد منهم يدخن، والآخر لم يدخن، وهذه البقالة يوجد بها دخان ضمن البضاعة الذي بداخلها، وإني قد حاولت أن يتركوا البيع والشراء في هذه الدخاخين، ولم يطيعوني، وإن فصل الشراكة معهم صعب، حيث هناك روابط أخرى مثل والدين وإخواني أنا وكيل عليهم بعد وفاة والدي- الله يرحمه- ولو حصل فك الشراكة سوف يحصل زعل من والدتي علي، وأنا أفعل كل ذلك من شأن رضى والدتي، فهل يمكن حصر هذه البضاعة الخبيثة مثل الدخان والجراك والمجلات على حسابهم في صندوق خاص لهم خارج هذه البقالة، ولا يكون لي فيه دخل؟ أرجو فتواي في هذه المشكلة، هذا ولكم تحياتي.
ج: عليك النصيحة لأخويك في عدم بيع الدخان والجراك والمجلات الخليعة؛ لأن بيع ما ذكر حرام، وكسبه حرام، ولا يجوز التعاون مع من يبيع هذه الأشياء؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة المائدة الآية 2] وينبغي أن تستعين بأهل الخير من الأقارب في نصيحة أخويك حتى يوافقا على ترك بيع الأشياء المذكورة إن شاء الله، ونسأل الله أن يصلحهما ويهديهما لقبول الحق، وأن يوفقكم جميعا لما يرضيه، فإن أبيا ولم يقبلا النصيحة فالواجب عليك الانفصال من الشركة بعدا عن الكسب الحرام، وحذرا من إثم التعاون على الإثم والعدوان، ولو لم ترض والدتك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (*) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (*) مع الحرص على أسباب رضاها وبالوسائل المباحة، ونسأل الله أن يوفقك ويوفق أخويك لكل خير، وأن يهدي الجميع ويحسن العاقبة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
الفتوى رقم (15143):
س: أنا شخصيا تاجر معروف في السوق منذ عشرين سنة، وأقوم ببيع المواد الغذائية والكماليات والدخان بأنواعه بالجملة، وعندي ما يقارب خمسة وعشرين نوعا من الدخان تقريبا، كما إنني أقوم باستيرادها من خارج المملكة من مصانعها في بلادها، وكذلك من عند وكلاء عموميين في المملكة في الرياض وجدة والدمام، وأقوم بتوزيعها وتصريفها على المحلات الصغيرة السوبر ماركت والدكاكين والبقالات بالكرتون وبالصندوق. وأفيدكم علما بأنني أقوم بشراء هذه البضايع من الدخان بمبالغ ضخمة، تقدر شهريا بخمسين مليون ريال، وسنويا أكثر من ستمائة وخمسين مليون ريال تقريبا من جميع أنواع الدخان، والسؤال الآن:
هل الدخان حرام أم لا؟
وهل إذا كان حرام يجوز لي أن أخلطه مع بضاعة حلال مثل المواد الغذائية أم لا؟
وهل يجوز لي أن أفصله بفروع مستقلة عن المواد الغذائية أم لا؟
وهل مرابحه يجوز لي أن أتصدق بها على مشاريع خيرية أم لا؟
علما بأنني قد حاولت أترك بيعه فوجدت أن السوق يقف عندي حوالي 50%، وفي بعض الفروع يقف تماما.
فالآن أتوجه إلى الله العلي القدير ثم إليكم بأن تكون الإجابة صحيحة وواضحة وصريحة ومقنعة من الكتاب والسنة، وتكون الإجابة خطية حتى لا يكون للشيطان علي طريق، وحتى يرتاح ضميري وأكون واثقا من عملي ومن تجارتي أمام ربي يوم القيامة، علما بأنني قد سمعت من الطنطاوي في التلفاز منذ فترة يقول: إن الدخان ليس حراما بل مكروه، وهذا مما جعلني أتمسك في بيعه حتى الآن وبكثرة، وأرجو أن يكون الجواب على هذه الورقة مع التوقيع والاسم والختم والوظيفة؛ لكي أتخذ القرار المناسب بعد معرفة الجواب، وبدون تراجع إن شاء الله، وأعاهد ربي على ذلك، والله خير الشاهدين.
ج: الدخان حرام بجميع أنواعه، والتجارة فيه حرام لخبثه، ولما فيه من الأضرار الكثيرة على الدين والبدن والمال، فالواجب عليكم التوبة إلى الله سبحانه مما سلف، والعزم الصادق على عدم التجارة فيه، وأبشر بالأجر العظيم والعاقبة الحميدة مع حسن الخلف.
أما ما مضى فنرجو أن يعفو الله عنه، لأنكم فعلتموه عن شك في تحريمه؛ لقوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة الآية 275] وأما الدخان الموجود لديكم حاليا فالواجب إتلافه وعدم بيعه أو استعماله أو هبته لأحد، وإليكم برفقه ثلاث رسائل صدرت في حكمه: إحداهن: من سماحة شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، والثانية: من سماحة الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله، والثالثة: من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
وأسأل الله أن ينفعكم بها وأن يوفقنا وإياكم لما يرضيه، وأن يمنح الجميع الفقه في دينه والثبات عليه، وإيثار رضاه على ما سواه، إنه جواد كريم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: صالح بن فوزان الفوزان
عضو: عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
السؤال الأول من الفتوى رقم (15928):
س1: ما حكم الإسلام في زراعة الدخان وفي الأموال التي جمعها الفلاحون من بيعه؟
ج1: لا تجوز زراعة الدخان ولا بيعه ولا استعماله؛ لأنه حرام من عدة وجوه: لأضراره الصحية العظيمة، ولخبثه، وعدم فائدته، وعلى المسلم تركه، والابتعاد عنه، وعدم زراعته والاتجار به؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه. والله أعلم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عضو: صالح الفوزان
عضو: عبدالعزيز آل الشيخ
عضو: بكر أبو زيد
السؤال الأول من الفتوى رقم (16502):
س1: أنا تاجر وأبيع الدخان والجراك ضمن تجارتي، فهل يجوز لي ذلك؟ علما أنني لا أشربها- أي الدخان- وعندي أيضا تلفزيون يجتمع عليه الشباب يشاهدون الكرة والمسلسلات، وتفوتهم بعض الصلوات، فهل يجوز لي اقتناء التلفزيون بهذه الصورة؟ كما إني في جانب السوق، وبيني وبين المسجد حوالي 200 متر، وأصلي في دكاني وأترك صلاة الجماعة. فما حكم عملي؟
ج1: الدخان مادة خبيثة مضرة، لا يجوز شربه ولا يجوز بيعه؛ لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، والواجب عليك التوبة من بيعه، والاقتصار على بيع الأشياء المباحة، وفيها خير وبركة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وكذلك لا يجوز لك ترك الشباب يجتمعون عندك، ويتركون الصلاة، والواجب عليك أن تغلق المحل، وتذهب أنت وهم إلى المسجد؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [سورة المنافقون الآية 9] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر (*) قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: (خوف أو مرض)، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم يوم سأله رجل أعمى قائلا: يا رسول الله: ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» (*) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: صالح الفوزان
عضو: عبدالعزيز آل الشيخ
عضو: بكر أبو زيد
السؤال الرابع من الفتوى رقم (3201):
س4: هل يجوز أن أشتري لوالدي التبغ- الدخان- وقد أمرني بشرائه له؟
ج4: لا يجوز أن تشتري لوالدك شيئا استعماله محرم، سواء كان دخانا أم أفيونا أم حشيشة أم خمرا... أو غير ذلك، ولو أمر بذلك؛ لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (*) وقوله: «إنما الطاعة في المعروف» (*) وعليك أن تنصحه، وتعتذر له بأسلوب حسن عن شرائه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان
عضو: عبدالله بن قعود
الفتوى رقم (14079):
س: والدي يمتلك محلا يبيع فيه الشيشة- النرجيلة- والدنيمو، هذا إلى جانب أشياء أخرى كثيرة من الأدوات المنزلية، وقد نصحته كثيرا في هذا الأمر، وهو مقتنع أن التدخين حرام، لكن يقول: إن بيع الشيشة ليس حراما، فهل من الممكن أن تبعث لي بفتوى في حكم بيع أدوات التدخين وبيع الدنيمو، وكذلك الحلف في البيع والشراء، وتنصحه في عقوبة الكسب الحرام، وأهمية الكسب الحلال؟
ج: يحرم بيع الشيشة وأدواتها التي تستعمل في شربها؛ لما فيها من المضار والمفاسد العظيمة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان

حكم دخول المسجد وعلبة السجائر بالجيب ؟
الجواب:

الحمد لله

التبغ أو التنباك ، وهو المعروف اليوم بـ " الدخان " ، من المواد التي تسبب ضررا محققا لجسم الإنسان ، وصدرت الفتاوى الكثيرة بحرمته وحرمة تعاطيه وبيعه وشرائه ، وهذا مما لا شك فيه اليوم .

غير أن ذلك لا يعني نجاسة هذه المادة ، فليس كل حرام يعتبر نجسا ، فالسم مثلا يحرم تناوله ، ولكنه لو أصاب الثوب فلا يجب غسله ، وتصح الصلاة به ، وهكذا هو الشأن في حكم " الدخان "، يحرم تناوله ، ولكن لا ينجس حامله ، وتصح الصلاة به ، إذ لا دليل على الحكم بنجاسته .

جاء في " الموسوعة الفقهية " (10/111-112) :

" صرح المالكية والشافعية بطهارة الدخان .

قال " الدردير " : من الطاهر الجماد ، ويشمل النبات بأنواعه ، قال الصاوي : ومن ذلك الدخان . " انتهى.



وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن :

" رجل يصلي في المسجد في الروضة، وسقط من جيبه بكت دخان، فما حكم فعله، وهل يجوز حمل الدخان في المساجد؟ " .

فأجابت :

" إن كان المقصود بالسؤال عن حكم فعله : حمل الدخان إلى المسجد ؛ فلا يخفى أن الدخان من الأمور المنكرة والخبيثة ، وشربه محرم ؛ لما فيه من الضرر البالغ على النفس والمال والمجتمع ، ولانتفاء المصلحة منه .

وحيث إنه خبيث فينبغي صيانة بيوت الله عنه، وحمله إليها مما يتعارض مع تعظيم بيوت الله وتكريمها ، فلا يجوز.

وإما إن كان المقصود بالسؤال عن حكم الفعل بالنسبة للصلاة : هل سقوط الدخان من جيب المصلي يفسد الصلاة ، أويبطلها ؛ فصلاة من سقط منه الدخان صحيحة " .

فتاوى اللجنة الدائمة (22/183) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :

" ما حكم حمل بكت – أي علبة - الدخان إلى المسجد ؟

فأجاب رحمه الله تعالى :

أنا لا أدري هل أقول إن حمله حلال ؟ إن قلت : حمله حلال ، معناه شربه حلال ، وإن قلت حمله حرام ، فقد يظن الناس أننا إذا قلنا إن حمله حرام يعني أن الصلاة لا تصح وهو حامل له ، ولكني أقول :

الصلاة تصح ولو كان حاملا له ، وذلك لأنه ليس بنجس ، إذ ليس كل حرام يكون نجسا ، وأما النجس فهو حرام ، فهاتان القاعدتان ينبغي لطالب العلم أن يفهمهما : ليس كل حرام نجسا ، والقاعدة الثانية كل نجس فهو حرام ، فالقاعدة الأولى أنه ليس كل حرام نجسا ، فإننا نرى أن السم حرام وليس بنجس ، وأكل البصل لمن أراد أن يأكله ليتخلف عن الجماعة حرام ، والبصل ليس بنجس ، وأما أكل البصل للتشهي أو التطبب فلا بأس به ، ولو أدى ذلك إلى ترك الجماعة ، لأنه لم يقصد بأكله أن يتخلف عن الجماعة ، نجد أن الدخان السيجارة حرام وليس بنجس .

أما القاعدة الثانية وهي أن كل نجس حرام فدليلها قول الله تبارك وتعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) فبين تبارك وتعالى أن علة التحريم كونه رجسا أي نجسا ، فيستفاد من ذلك أن كل نجس فهو حرام " انتهى.

إذا كان الإنسان توضأ، ثم شرب الدخان وصلى مباشرة، وربما يؤم الناس، وقد قلنا لمن يفعل ذلك إن الدخان ينقض الوضوء، فقالوا لنا ليس هذا بصحيح، فما الحكم في هذا؟

الدخان لا ينقض الوضوء، ولكنه محرم خبيث، يجب تركه، لكن لو شربه إنسان وصلى لم تبطل صلاته ولم يبطل وضوءه؛ لأنه نوع من الأعشاب المعروفة، لكنه حرم لمضرته، فالواجب على متعاطيه أن يحذره، وأن يدعه، ويتقي شره، فلا يجوز له شراؤه ولا استعماله، ولا تجوز التجارة فيه، بل يجب على من يتعاطى ذلك أن يتوب إلى الله، وأن يدع التجارة فيه، يقول الله سبحانه وتعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ثم قال عز وجل: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ[1]، فالله عز وجل لم يحل لنا إلا الطيبات وهن المغذيات النافعات، وقال الله سبحانه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ[2]، ولا ريب أن الدخان والمسكرات كلها من الخبائث، وهكذا الحشيشة المسكرة المعروفة من الخبائث أيضاً، فيجب ترك ذلك، وهكذا القات المعروف في اليمن من الخبائث؛ لأنه يضر ضرراً كبيراً، ويترتب عليه تعطيل الأوقات، وضياع الصلوات، فالواجب على من يتعاطاه أن يدعه، ويتوب إلى الله من ذلك، وأن يحفظ صحته وماله وأوقاته فيما ينفعه؛ لأن الواجب على المؤمن أن يحذر ما يضره بدينه ودنياه، ومثل ذلك الدخان وأنواع المسكرات يجب الحذر منها كلها مع التوبة الصادقة النصوح مما سبق، ولا يجوز التجارة في ذلك، بل يجب ترك ذلك وعدم التجارة فيه، لأنه يضر المسلمين. نسأل الله الهداية للجميع والتوفيق.

[1] سورة المائدة الآية 4.

[2] سورة الأعراف الآية 157.
 الحمد لله الذي هداه حتى صار يصلى فهو في الحقيقة أسلم بعد رده فعليه أن يشكر الله تعالى على هذه النعمة، أما ما يتعلق بشرب الدخان فهناك وسائل تعينه على ترك الدخان:
منها أن يترك الدخان شيئا فشيئا فيقلل من شربه أولا حتى يزول ما في جسمه من آثار هذا الدخان.
ثانيا أن يستعمل بعض العقاقير بمشورة الطبيب التي تحجبه عن الرغبة في شرب الدخان.
ثالثا أن يبتعد عن مجالسة أهل الدخان لأن الإنسان إذا جالسهم فإنه قد يشتاق إلى شرب الدخان مع زملائه الذين جلس إليهم.
رابعا أن يحرص على صحبة الرفقة الطيبة لأنه إذا صحبهم فسوف يمتنع عن الدخان ما دام معهم وهذا مما يعينه على تركه.
خامسا وهو من أقواها أن يكون لديه عزيمة قوية يدع بها الدخان ولقد كان رجلاً مسافرا مع أحد الطيبين وكان هذا يشرب الدخان فلما أخرج البكت من أجل أن يشرب الدخان قال له الرجل الطيب يا فلان نحن ما سافرنا لنكتسب إثما ونحن إذا شاركناك في الجلوس وأنت تشرب الدخان صرنا آثمين كإثمك فإما أن تدع هذا الدخان وإما أن نترك السفر فما كان من هذا الشارب للدخان إلا أن انفعل ثم أخذ علبة البكت وقطعها ومزقها ورمى بها يقول شارب الدخان فما عدت إليه بعد ذلك لأنه عزم وصمم وقال ما هذا الشراب الذي يمنعني أن يصاحبني الطيبون فانتقد نفسه وصار ذلك من أسباب ترك الدخان هذا مع معونة الله عز وجل وتوفيقه




ما حكم شرب النارجيلة (الأرجيلة)؟


الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
جاءت الشريعة الإسلامية لمقاصد عظيمة، تحفظ للناس دينهم، ومقومات حياتهم، ومن أعظم هذه المقاصد التي اتفق عليها الفقهاء: (حفظ النفس)، فمنعت في سبيل تحقيقه كل مؤذ ومُضر، وأمرت باجتناب كل خبيث.
وفي ذلك يقول الله تعالى - في مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم -: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157. 
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد في "المسند" (1/313).
ومن المعلوم في هذه الأزمان -بعد تقدم العلوم التجريبية وتطور الطب الحديث- أن الدخان و(النارجيلة) من المواد المضرة ضررًا مباشرًا وبالغًا، لاحتوائها على مواد سامة، ومركبات ضارة، تسبب في العاجل أو الآجل الأمراض الخطيرة المميتة، وهذا باتفاق الأطباء.
وبناء عليه فلا يجوز تعاطيها ولا شربها، بل يجب اجتنابها وحفظ المجتمعات من ضررها، وهو واجب لا يتحقق إلا بتقوى الله تعالى أولاً، ثم بتعاون جميع الأفراد والمسؤولين. والله تعالى أعلم

 الدخان من الخبائث، وهي محرمة، فيكون محرما وشربه معصية لله، وإحضاره لمن يشربه وسيلة لشربه، والوسائل لها حكم الغايات، فإذا كانت الغاية محرمة فكذلك الوسيلة الموصلة إليها وطاعة الوالدين مشروعة فيما هو طاعة لله وما هو مباح، أما طاعتهما في معصية الله فغير جائزة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف » (1) رواه النسائي وابن ماجه عن علي - رضي الله عنه -. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق » (2) رواه الإمام أحمد في (المسند) والحاكم في (المستدرك) عن عمران، وعن الحكم بن عمرو الغفاري .
هذا ونرفق لكم صورة من فتوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (3) في بيان حكم شرب الدخان (4) .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
__________
(1) سنن النسائي البيعة (4205).
(2) صحيح البخاري أخبار الآحاد (6830),صحيح مسلم الإمارة (1840),سنن النسائي البيعة (4205),سنن أبو داود الجهاد (2625),مسند أحمد بن حنبل (1/94).
(3) فتاواه: 12 / 78 وما بعدها.
(4) ''فتوى سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم في حكم (شرب الدخان): بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فقد سئلت عن حكم (التنباك) الذي أولع بشربه كثير من الجهال والسفهاء مما يعلم كل أحد تحريمنا إياه نحن ومشائخنا ومشائخ مشائخنا ومشائخهم وكافة المحققين من أئمة الدعوة النجدية وسائر المحققين سواهم من العلماء في عامة الأمصار من لدن وجوده بعد الألف بعشرة أعوام أو نحوها حتى يومنا هذا، استنادا على الأصول الشرعية، والقواعد المرعية. وكنت رأيت عدم إجابة السائل لذلك، لكن نظرا إلى أن للسائل حقا وإلى فشو تعاطي هذا الخبيث بما لا يخطر على البال آثرت الجواب على ذلك. فأقول: لا ريب في خبث الدخان ونتنه، وإسكاره أحيانا، وتفتيره وتحريمه بالنقل الصحيح، والعقل الصريح، وكلام الأطباء المعتبرين. أما النقل الصحيح فقول الله تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وفي الصحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: '' كل مسكر خمر وكل خمر حرام '' ولمسلم : '' وكل مسكر حرام ''، وروى أبو داودوالتزمذيوحسنه، عن عائشة مرفوعا: '' كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام ''. وكل من الآية الكريمة والأحاديث الصحيحة دال على تحريمه؛ فإنه خبيث، مسكر تارة، ومفتر أخرى، لا يماري في ذلك إلا مكابر للحس والواقع. ولا ريب أيضا في إفادتها تحريم ما عداه من المسكرات والمفترات. وروى الإمام أحمدوأبو داود،عن أم سلمة - رضي الله عنها -، قالت: ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر ) قال الحافظ الزين العراقي : إسناده صحيح، وصححه السيوطي في (الجامع الصغير). وفيه من إضاعة المال واستهلاك المبالغ الطائلة المسببة لضلع الدين الحامل على بيع كثير من ضروريات الحياة في هذا السبيل ما لا يسع أحدا إنكاره. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: '' إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ''. يوضحه ما سنذكره من كلام العلماء من أرباب المذاهب الأربعة ؛ فممن ذكر تحريمه من فقهاء الحنفية: الشيخ محمد العيني، ذكر في رسالته تحريم التدخين من أربعة أوجه: أحدها: كونه مضرا للصحة بإخبار الأطباء المعتبرين، وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقا. ثانيها: كونه من المخدرات المتفق عليها عندهم، المنهي عن استعمالها شرعا؟ لحديث أحمد عن أم سلمة : ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر )، وهو مفتر باتفاق الأطباء، وكلامهم حجة في ذلك وأمثاله باتفاق الفقهاء سلفا وخلفا. ثالثها: كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، بل وتؤذي الملائكة المكرمين. وقد روى الشيخان في (صحيحيهما)، عن جابر مرفوعا: ( من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته )، ومعلوم أن رائحة التدخين ليست أقل كراهية من رائحة الثوم والبصل. وفي (الصحيحين) أيضا عن جابر - رضي الله عنه -: (أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس )، وفي الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: '' من آذى مسلما فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ''، رواه الطبرانيفي (الأوسط) عن أنس - رضي الله عنه - بإسناد حسن. رابعها: كونه سرفا ؛ إذ ليس فيه نفع مباح خال عن الضرر، بل فيه الضرر المحقق بإخبار أهل الخبرة. ومنهم أبو الحسن المصري الحنفي، قال ما نصه: الآثار النقلية الصحيحة، والدلائل العقلية الصريحة تعلن بتحريم الدخان. وكان حدوثه في حدود الألف، وأول خروجه بأرض اليهودوالنصارىوالمجوس، وأتى به رجل يهودي يزعم أنه حكيم إلى أرض المغرب، ودعا الناس إليه، وأول من جلبه إلى البر الرومي رجل اسمه ( الانكلين ) من النصارى . وأول من أخرجه ببلاد السودانالمجوس، ثم جلب إلى مصروالحجاز وسائر الأقطار. وقد نهى الله عن كل مسكر. وإن قيل: إنه لا يسكر فهو يخدر ويفتر أعضاء شاربه الباطنة والظاهرة، والمراد بالإسكار مطلق تغطية العقل وإن لم تكن معه الشدة المطربة، ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة، وإن لم يسلم أنه يسكر فهو يخدر ويفتر. وقد روى الإمام أحمدوأبو داودعن أم سلمة : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر )، وقال العلماء: المفتر ما يورث الفتور والخدر في الأطراف، وحسبك بهذا الحديث دليلا على تحريمه، وأنه يضر بالبدن والروح ويفسد القلب ويضعف القوى، ويغير اللون بالصفرة. والأطباء مجمعون على أنه مضر، ويضر بالبدن، والمروءة، والعرض، والمال ؛ لأن فيه التشبه بالفسقة ؛ لأنه لا يشربه غالبا إلا الفساق والأنذال، ورائحة فم شاربه خبيثة اه. ومن فقهاء الحنابلة: الشيخ: عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - قدس الله أرواحهم -، قال في أثناء جوابه على (التنباك) بعدما سرد نصوص تحريم المسكر، وذكر كلام أهل العلم في تعريف الإسكار ما نصه: وبما ذكرنا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلام أهل العلم، يتبين لك تحريم التتن الذي كثر في هذا الزمان استعماله، وصح بالتواتر عندنا والمشاهدة إسكاره في بعض الأوقات، خصوصا إذا أكثر منه، أو أقام يوما أو يومين لا يشربه ثم شربه فإنه يسكر ويزيل العقل، حتى إن صاحبه يحدث عند الناس ولا يشعر بذلك، نعوذ بالله من الخزي وسوء البأس، فلا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلتفت إلى قول أحد من الناس إذا تبين له كلام الله وكلام رسوله في مثله من المسائل؛ وذلك لأن الشهادة بأنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقتضي طاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وتصديقه فيما أخبر. وأجاب الشيخ: عبد الله أبا بطين - رحمه الله - عن (التنباك) بقوله: الذي نرى فيه: التحريم ؛ لعلتين: إحداهما: حصول الإسكار فيما إذا فقده شاربه مدة ثم شربه أو أكثر، وإن لم يحصل إسكار حصل تخدير وتفتير. وروى الإمام أحمدحديثا مرفوعا، أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر . العلة الثانية: أنه منتن مستخبث عند من لم يعتده، واحتج العلماء بقوله تعالى: { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وأما من ألفه واعتاده فلا يرى خبثه، كالجعل لا يستخبث العذرة. ومن فقهاء الشافعية: الشيخ الشهير ب: ( النجم ) الغزي الشافعي، قال ما نصه: والتوتون الذي حدث، وكان حدوثه بدمشق سنة خمس عشرة بعد الألف يدعي شاربه أنه لا يسكر، وإن سلم له فإنه مفتر، وهو حرام ؛ لحديث أحمد يسنده، عن أم سلمة، قالت: ( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر ) قال: ( وليس من الكبائر تناوله المرة أو المرتين )، أي بل الإصرار عليه يكون كبيرة كسائر الصغائر. وقد ذكر بعض العلماء: أن الصغيرة تعطى حكم الكبيرة بواحدة من خمسة أشياء: إحداها: الإصرار عليها. والثانية: التهاون بها، وهو الاستخفاف وعدم المبالاة بفعلها. والثالثة: الفرح والسرور بها. والرابعة: التفاخر بها بين الناس. والخامسة: صدورها من عالم أو ممن يقتدى به. وأجاب الشيخ خالد بن أحمد من فقهاء المالكية بقوله: لا تجوز إمامة من يشرب التنباك، ولا يجوز الاتجار به ولا بما يسكر اه. وممن حرم الدخان ونهى عنه: من علماء مصر : الشيخ: أحمد السنهوري البهوتي الحنبلي . وشيخ المالكية: إبراهيم اللقاني . ومن علماء المغرب : أبو الغيث القشاش المالكي . ومن علماء دمشق : النجم الغزي العامري الشافعي . ومن علماء اليمن : إبراهيم بن جمعان، وتلميذه أبو بكر الأهدل . ومن علماء الحرمين : المحقق: عبد الملك العصامي، وتلميذه: محمد بن علان شارح (رياض الصالحين)، والسيد عمر البصري. وفي الديار الرومية: الشيخ : محمد الخواجة،وعيسى الشهادي الحنفي،ومكي بن فروخ،والسيد سعد البلخيوالمدني،ومحمد البرزنجي المدني الشافعي، وقال: رأيت من يتعاطاه عند النزع يقولون له: قل: لا إله إلا الله. فيقول: هذا تتن حار. كل هؤلاء من علماء الأمة وأكابر الأئمة، أفتوا بتحريمه ونهوا عنه وعن تعاطيه. وأما العقل الصريح فلما علم بالتواتر والتجربة والمشاهدة مما يترتب على شاربه غالبا من الضرر في صحته وجسمه وعقله ، وقد شوهد موت وغشي وأمراض عسرة ، كالسعال المؤدي إلى مرض السل الرئوي ، ومرض القلب ، والموت بالسكتة القلبية ، وتقلص الأوعية الدموية بالأطراف ، وغير ذلك مما يحصل به القطع العقلي أن تعاطيه حرام ؛ فإن العقل الصريح كما يقضي ، ولا بد بتعاطي أسباب الصحة ، والحصول على المنافع ، كذلك يقضي حتمًا بالامتناع من أسباب المضار والمهالك والمبالغة في مباعدتها ، لا يرتاب في ذلك ذو لب البتة . ولا عبرة بمن استولت الشبهة والشهوة على أداة عقله؛ فاستعبدته وأولعته بالأوهام والخيلات حتى بقي أسيرًا لهواه مجانبًا أسباب رشده وهداه . وأما كلام الأطباء : فإن الحكماء الأقدمين مجمعون على التحذير من ثلاثة أشياء ، ومتفقون على ضررها : أحدها : النتن ، وهو : الروائح المستخبثة بجميع أجناسها وأنواعها . الثاني : الغبار . الثالث : الدخان ، وكتبهم طافحة بذلك . وأما المتأخرون منهم الذين أدركوا هذا النبات الخبيث ، فنلخص ما ذكروه من أضراره ، وما اشتمل عليه من الأجزاء والعناصر التي نشأت عنها أضراره الفتاكة ، وهذا ملخص ما ذكروه : قالوا : هو نبات حشيش مخدر مر الطعم ، وبعد التحقيق والتجربة ظهر أن التبغ بنوعيه : التوتون والتنباك ، من الفصيلة الباذنجانية ، التي تشتمل على أشر النباتات السامة : كالبلادونا والبرش والبنج ، وهما مركبان من أملاح البوتاس والنوشادر ، ومنه مادة صمغية ومادة حرِّيفة تسمى : نيكوتين . قالوا : وهي من أشد السموم فعلًا . وله استعمالات : أحدها : استعماله مضغًا بالفم ، وهو أقبح استعمالاته وأشدها ضررًا ، وهو من المخدرات القوية ، فتسري مواده السامة في الأمعاء سريعًا ، وتحدث تأثيرًا قويًّا في الأعصاب البدنية . والثاني : استعماله استنشاقًا مسحوقًا مع أجزاء منبهة ، وهو مضر أيضًا لاحتوائه على مواد سامة . والثالث : استعماله تدخينًا من طريق السيجارة ، وهي أعظم أدوات التدخين ؛ لأن الدخان يصل إلى الفم حارًّا ، ومن طريق النارجيلة والقصبة المعروفة بالغليون . وقد أثبت الأطباء له مضار عظيمة ، وقالوا : إنها تكمن في الجسم أولًا ، ثم تظهر فيه تدريجيًّا ، وذكروا أن الدخان الذي يتصاعد عن أوراق التبغ المحترقة يحتوي على كمية وافرة من المادة السامة هي النيكوتين ، فإذا دخل الفم والرئتين أثر فيهما تأثيرًا موضعيًّا وعموميًّا؛ لأنه عند دخوله الفم تؤثر المادة الحرِّيفة السامة التي فيه في الغشاء المخاطي؛ فتهيجه تهييجًا قويًّا ، وتسيل منه كمية زائدة من اللعاب ، وتغير تركيبه الكيماوي بعض التغيير ، بحيث تقلل فعله في هضم الطعام ، وكذلك تفعل في مفرز المعدة كما فعلت في مفرز الفم ، فيحصل حينئذ عسر الهضم ، وعند وصول الدخان إلى الرئتين عن طريق الحنجرة تؤثر فيهما المادة الحرِّيفة فتزيد مفرزهما ، وتحدث فيهما التهابًا قويًّا مزمنًا ، فيتهيج السعال حينئذ لإخراج ذلك المفرز الغزير الذي هو البلغم ، ويتسبب عن ذلك تعطيل الشرايين الصدرية ، وعروض أمراض صدرية يتعذر البرء منها ، وما يجتمع على باطن القصبة من آثار التدخين الكريهة الرائحة يجتمع مثله على القلب فيضغط على فتحاته ، ويصد عنه الهواء ، فيحصل حينئذ عسر التنفس ، وتضعف المعدة ، ويقل هضم الطعام . ويحصل عند المباشر له الذي لم يعتده دوار وغثيان وقيء وصداع وارتخاء للعضلات - وهي الأعصاب - ثم سبات ، وهي كناية عن حالة التخدير الذي هو من لوازم التبغ المتفق عليه ، وذلك لما يحويه من المادة السامة ، ومن اعتاده حصل عنده من فساد الذوق ، وعسر الهضم ، وقلة القابلية للطعام ما لا يخفى . والإكثار منه يفضي إلى الهلاك إما تدريجيًّا وإلا في الحال ، كما وقع لأخوين تراهنا على أيهما أكثر من الآخر فمات أحدهما قبل السيجارة السابعة عشرة ، ومات الآخر قبل أن يتم الثامنة عشرة . ومن مضاره : تخريب كريات الدم ، وتأثيره على القلب بتشويش انتظام ضرباته ، ومعارضته القوية لشهية الطعام ، وانحطاط القوة العصبية عامة ، ويظهر هذا بالخدور والدوار الذي يحدث عقب استعماله لمن لم يألفه . ويحكي الأستاذ مصطفى الحمامي عن نفسه مرة أنه قال : كنت أمشي يومًا مع أحد طلبة العلم ، فعرج على بائع دخان اشترى منه سيجارتين ، أشعل إحداهما وأقسم علي يمينًا غليظًا أن آخذها منه وأستعملها ، قال : فتناولت السيجارة أجذب في دخانها وأنفخه من فمي ، دون أن يتجاوز الفم للداخل ، رأى هو ذلك فقال : ابتلع ما تجذبه فإن قسمي على هذا ، لم أمانع وفعلت ما قال نفسًا واحدًا ، والله ما زدت عليه ، وإذ دارت الأرض حولي دورة تشبه دورة المغزل ، فبادرت إلى الجلوس على الأرض ، وظننت بصاحبي الظنون ، وبكل تعب وصلت إلى بيتي وأنا راكب وهو معي يحافظ علي ، وبعد ذلك مكثت إلى آخر اليوم التالي تقريبًا حتى أحسست بخفة ما كنت أجده ، فحكيت هذا لكثير من الناس أستكشف ما كان يخبؤ لي في السيجارة ، فأخبروني أن الدخان يعمل هذا العمل في كل من لم يعتده ، فقلت : إذا كان نفس واحد فعل بي كل هذا فماذا تفعله الأنفاس التي لا تعد كل يوم يجتذبها معتاد الدخان خصوصًا المكثر منه ؟ اه . ومنها إحداث الجنون المعروف بالتوتوني ، وهو أن من يتركه ممن اعتاد استعماله يختل نظام سيره في أعماله وأشغاله حتى يدخنه ، فإذا دخنه سكن حاله . وقد ذكر جمع من أكابر العلماء وجهابذة الأطباء أن من العقل فضلًا عن الشرع وجوب اجتناب التدخين ؛ حفظًا للصحة ودفعًا لدواعي الضعف الجالب للهلاك والدمار ، وخصوصًا ضعيف البنية وكبير السن الذي ليست عنده قوة لمكافحة الأمراض ، وأصحاب المزاج البلغمي . ولذلك يتركه كثير من الناس خوفًا من ضرره وكراهية لرائحته ، وقد يعلقون طلاق نسائهم على العود إليه ، يريدون بذلك تركه نهائيًّا ، فإذا حمل إليهم وقت الحاجة إليه لم يستطيعوا الإعراض عنه أبدًا ، بل يقبلون عليه بكلياتهم كل الإقبال ولو طلقت نساؤهم ، فله سلطان عظيم على عاشقيه ، وتأثير على العقل ؛ وذلك أن شاربه يفزع إلى شربه إذا نزل به مكدر ، فيتسلى ويذهل العقل بعض الذهول فيخفف حزنه . والله أعلم ، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم . قال ذلك وأملاه ، الفقير إلى عفو مولاه : محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ 4 / 6 / 1383 هـ .''

الدخان وفروعه ومشتقاته كلها محرمة، ودليل ذلك قول الله -سبحانه وتعالى-: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ[المائدة: 4]، أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقول للناس: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ لما سألوه ماذا أحل لهم؟ أمره الله أن يقول لهم: أحل لكم الطيبات، وأخبر سبحانه ووصى نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- في سورة الأعراف قال: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ[الأعراف: 157] وقد أجمع العارفون بالدخان من الأطباء وغير الأطباء على أنه خبيث، ضار ضرراً كبيراً للمتعاطين، فهو معروف بأنه سبب لأمراض كثيرة من داء السرطان وداء السكتة وأدواء أخرى معروفة ذكرها العلماء وألفوا فيها المؤلفات، فهو محرم لخبثه وضرره الكثير، وربما أفقد صاحبه شعوره إذا تأخر عنه أو أكثر منه فهو ذو مضرةٍ عظيمة، فيجب على كل مسلمٍ تركه، على الرجال والنساء جميعاً، فيحرم بيعه وشراؤه والتجارة فيه واستعماله هو ومشتقاته من شمةٍ وغيرها، رزقني الله وإياكم العافية.



حكم شرب الدخان

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
30 مارس 1949 م

المبادئ
حكم تعاطى الدخان الإباحة، إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية لضرره الشديد بالنفس، أو بالمال أو بهما معا، أو تعاطيه فى المسجد، أو فى أثناء سماع القرآن .
لما فيه من المنافاة لتعظيم كلام اللّه تعالى ولا فرق فى ذلك بين أن يكون القارئ قريبا أو بعيدا

السؤال
من الأستاذ الشيخ السعدى محمد وآخرين قالوا ما حكم شرب الدخان عموما وما حكم شرب الدخان حين تلاوة القرآن الكريم والشارب بعيد عن القارىء بضعة أمتار ولكنه فى مجلسه يسمع القرآن بوضوح

الجواب
اطلعنا على السؤال عن حكم شرب الدخان وخاصة حين تلاوة القرآن الكريم وسماعه .
والجواب قد سبق أن أصدرنا فتوى فى 25 المحرم سنة 1367 الموافق 8 - 12 - 1947 فى حكم تجاره الدخان والكسب الناتج منها ونصها اطلعنا على السؤال المتضمن الاستفتاء عن حكم الشريعة الغراء فى تجارة الدخان والكسب الناتج منها ونقول اعلم أن حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى، وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء، والحق عندنا كما فى رد المحتار أنه الإباحة .
وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته .
وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله أنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو إضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما، فيدخل فى قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة، بل قد ثبت خلاف ذلك، وفى الأشباه عند الكلام على قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف أن أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره ومنه الدخان .
وفى رد المحتار أن فى إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره كما قيل، وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف .
والمختار الأول . لأن الراجح عند جمهور الحنفية والشافعية كما فى التحرير أن الأصل الإباحة .
إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوى يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارضى ككونه فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل .
وهو ملحق بهما، وكونه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب اللّه تعالى انتهى موضحا .
وأشار بالنهى المذكور إلى ما فى صحيح البخارى عن ابن عمر رضى اللّه عنهما أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال فى غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعنى الثوم فلا يقرين مسجدنا، وعن جابر بن عبد اللّه أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته .
والعلة فى النهى كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها فى المساجد .
ولا شك أن للدخان أيضا رائحة مستكرهة عند من لا يشربه فيكره تعاطيه فى المسجد للعلة المذكورة كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التى تبدو بالتنفس والجشاء مادامت فى المعدة، ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالى والسامع لتحقق العلة المذكورة فيهما، والكراهة لعارض لاتنافى حكم الإباحة فى عامة الأحوال، وقول العمادى بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية .
وقول الغزى الشافعى بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم ن ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة .
ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار فى مباح على الراجح، وأن الربح الناتج عنه حلال طيب .
واللّه أعلم ومنها يعلم حكم تعاطيه، وأن الأصل فيه الإباحة إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية لصرره الشديد بالنفس أو بالمال أو بهما، أو تعاطيه فى المسجد، أو فى أثناء سماع القرآن، لما فيه من المنافاة لتعظيم اللّه تعالى والقرآن الكريم كلامه .
ولا فرق فى ذلك بين أن يكون القارىء قريبا أو بعيدا، وكذلك فى حال تلاوته .
ومن الواجب وخاصة على العلماء إرشاد العامة إلى الكف عن شرب الدخان أثناء تلاوة القرآن أو سماعه من القارئ أو من المذياع، وإلى ضرورة التأدب بآداب الإسلام وتوقير كتاب اللّه كما كان عليه السلف الصالح .
واللّه تعالى أعلم

 المعروف أن التدخين حرام ، ولكن هل يعتبر الشخص المدخن شخصاً منتحراً أو الذي مات بسبب التدخين شخصاً منتحراً ؟ وذلك لأنه من المعروف أن في الدخان أو السيجارة مواد سامة ومسرطنة تؤدي إلى الموت ، ورجوعاً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه : (أن من تناول سماً فمات ففي النار خالداً) ، فهل يعتبر أنه منتحر ، وبالنسبة لي أنا أدخن قليلاً جداً وللتسلية ، فما الحكم؟ وهل تعتبر السيجارة خمراً نظراً لـ (كل مسكر خمر) و (ما أسكر قليلة فكثيرة حرام) وهل ينطبق على الشيشة؟
تم النشر بتاريخ: 2009-03-04
الجواب :

الحمد لله

يحرم شرب الدخان ؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال ، وينظر جواب السؤال رقم (10922) ورقم (9083) .

ولا يبلغ شرب الدخان درجة الانتحار باحتساء السم ونحوه ، لكنه محرم قد يؤدي إلى تلف النفس أو تلف بعض الأعضاء على المدى البعيد .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .



وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الذي يموت بسبب التدخين ، هل يكون منتحراً ؟  

الشيخ : هل تظن أن الذي يشرب الدخان شربه ليموت؟

السائل: لا.

الشيخ : إذاً ليس منتحراً ....

فرق بين من يقصد قتل نفسه ، ومن لا يقصد .

لكن يقال : إذا كان ضرر الدخان يؤدي إلى القتل ، فهذا من أقوى الأدلة على القول بالتحريم ، وهو لا شك عندي أنه محرم -الدخان- لما فيه من أضرار بدنية ، وأضرار خُلقية ، وأضرار مالية ، ألم تعلم أن الذي يشرب الدخان إذا لم يجده ربما يبيع عرضه ؟

على كل حال : الدخان عندنا لا نشك أنه حرام، لكن لا نقول : إن من شربه قاتل نفسه ؛ لأنه ما قصد قتل نفسه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (198/14) مختصرا.



ولا يعتبر الدخان خمرا ؛ لأنه لا يسكر ، لا قليله ولا كثيره .

وكذلك الشيشة لا تسكر .

والدخان مضر ، خبيث الرائحة ، ولا نفع فيه ، فليس من العقل تناوله وتضييع المال فيه .

وإذا علم المدخن أنه كلما تناول سيجارة فقد أذنب وعصى ربه ، ونكت في قلبه نكتة سوداء ، وربما اجتمعت هذه النكت على القلب حتى يسود ويظلم ، هان عليه ترك الدخان ابتغاء مرضات الله وخوفا من عقابه .

قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا ، حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .



وينبغي أن تحمد الله تعالى أنك لم تصل إلى مرحلة إدمان الدخان والشعور بالمشقة في تركه ، وعليك أن تسارع بالتوبة والإقلاع عنه ، فليس فيما حرم الله تعالى مجال للتسلية ، وقد يعاقب العبد بتساهله في اقتراف الحرام باعتياده وإلفه والمداومة عليه بحيث يصعب عليه تركه ، نسأل الله العافية .

 المسألة الأولى" حكم الصلاة خلف حالق لحيته وشارب الدخان .
والجواب : لا ريب في تحريم شرب الدخان الخبيث . وكذا حلق اللحية ومثل هذا لا يجوز أن يولى الإمامة لأنه فاسق ، والفاسق ليس أهلاً للإمامة . لكن الصلاة خلفه صحيحة مجزئة من صلاها إذا ابتلى به الناس على ما فيها من النقص ، فإن الصحابة ثبت أنهم صلوا خلف الفاسق ولم يكونوا يعيدون الصلاة التي صلوها ولا يأمرون غيرهم بإعادتها .
(ص ـ ف ـ 2265 ـ 1 في 13/11/1383هـ)
(680 ـ امامة شارب الدخان وبمثله )
من محمد بن ابراهيم إلى المكرم مطلق بن ناشي العتيبي سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن إمامة شارب الدخان إلى آخره .
والجواب : الدخان خبيث محرم ، والذي يجاهر بشربه فاسق لا يصلح للإمامة . ولا ينبغي أن يولى الإمامة في الصلاة إلا بمثله كما لوكانوا كلهم يشربون الدخان ـ والعياذ بالله ـ فيصلي بهم أقرؤهم للضرورة ، لعدم وجود من ليس كذلك . إلا إذا كان الذي لا يشرب الدخان أُمياً بمرة لا يحسن قراءة الفاتحة وأذكار الصلاة ووجد من يحسن ذلك ممن يشربون الدخان ، فحينئذ يصلي بهم هذا للضرورة لعدم وجود من يحسن الفاتحة وغيرها من أذكر الصلاة والله أعلم .
(ص ـ ف 3659 ـ 1 في 3/12/1386هـ)
(681 ـ المتهم ببيع وشراء الدخان)
من محمد بن ابراهيم إلى معالي وزير الحج والأوقاف بالنيابة سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :

وقال العلامة أبو عبد الله محمد عليش المالكي في مسائل النذر من كتابه (فتح العلي لمالك) في الفتوى على مذهب الإمام مالك : قد نص حذاق الأطباء على أنه –أي الدخان- يضر ، ولا ينفع شيئاً من العلل ، وأنه يحدث عللاً لا تسكن إلا به ، فنظير متعاطيه من مزق ثوباً صحيحاً واحتاج إلى ترقيعه ، قال : ويدلك على صحو ذلك أن من شأن الدواء قطع وكراهة النفس له وبمجرد حصول الشفاء ، وليس الدخان كذلك، إذ من اعتاده لا يستطيع تركه إلا إذا كان نائماً ، فهو الداء الذي لا دواء له إلا تركه واللهو عنه ، كوسوسة الشيطان ، استجرت منه باسم الرحمن . وقال في رسالة له في الدخان ضمن تلك الفتاوي : وآخر مسائل الأذان وأنى ضرره –أي الدخان- إفساده العقل والبدن ، وتلويث الظاهر والباطن المأمور تنقيتهما شرعاً وعادة ومرؤة كما يلوث آلة شربه ، والظاهر عنوان الباطن ، واستعمال المضر حرام . وذكر في هذه الرسالة : أن أطباء الإنكليز شرحوا رجلاً مات باهتراء كبده(1) وهو ملازمه أي : الدخان فوجدوه سارياً في عروقه وعصبه ومسود مخ عظامه وقله مثل سفنجة يابسة ، وفيه ثقب مختلفة صغرى وكبرى ، وكبده مشوية فمنعوا –أي الأطباء الإنكليز عن مداراته .
الثاني : من أدلة تحريم الدخان ما رواه أحمد في مسنده وأبو داود بسند صحيح ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، أنها قالت : ( نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومفتر ) وحصول التفتير باستعمال الدخان ثابت بلا شك ، قال الشيخ محمد فقهي العيني الحنفي في رسالته التي حرم فيها الدخان : هو –أي الدخان مفتر باتفاق الأطباء ، وكلامهم حجة في ذلك وأمثاله باتفاق الفقهاء سلفاً وخلفاً .
__________
(1) بالأصل : باحتراء وكبده وهو ملازمة . إلخ .

حكم الصلاة خلف من يشرب الدخان
هل تصح الصلاة خلف إمام يشرب الدخان ، علماً بأنه توجد مساجد أخرى لكن تجتمع الأئمة على الاشتراك في التدخين - ؟.
الحمد لله

شرب الدخان حرام ، ولا شك في ذلك عند العلماء ، وهو ضار ولا شك في ذلك عند الأطباء والعقلاء ، وارتكاب هذا الفعل من إمام مسجد : يعد من المجاهرة بالمعصية ، وبعض أهل العلم يمنع من الصلاة خلفه ، إلا أن الصواب جواز ذلك ، مع التنبيه أن غيره من أهل العدالة أولى .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

ما حكم شرب الدخان ، وحكم إمامة من يجاهر بذلك ؟ .

فأجاب :

قد دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعاً ؛ وذلك لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة ، والله سبحانه لم يبح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيباً نافعاً ، أما ما كان ضارّاً لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيراً لعقولهم : فإن الله سبحانه قد حرمه عليهم ، وهو عز وجل أرحم بهم من أنفسهم ، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، فلا يحرم شيئاً عبثاً ، ولا يخلق شيئاً باطلاً ، ولا يأمر بشيءٍ ليس للعباد فيه فائدة ؛ لأنه سبحانه أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وهو العالم بما يصلح العباد وينفعهم في العاجل والآجل ، كما قال سبحانه : ( إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) الأنعام/83 ، وقال عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) الإنسان/30 .والآيات في هذا المعنى كثيرة . ومن الدلائل القرآنية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة/4 ، وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/157 الآية .

فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات ؛ وهي الأطعمة والأشربة النافعة ، أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمسكرات والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل : فهي من الخبائث المحرمة ، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضررا كبيرا ، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض كالسرطان وموت السكتة وغير ذلك ، فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه ، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه ، فقد قال الله تعالى في كتابه المبين : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ) الأنعام/116 ، وقال عز وجل : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا ) الفرقان/44 .

أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة : فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماماً ، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين المعروفين بالدين والاستقامة ؛ لأن الإمامة شأنها عظيم ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما ) الحديث ، رواه مسلم في صحيحه ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ) .

لكن اختلف العلماء رحمهم الله هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه ، فقال بعضهم : لا تصح الصلاة خلفه ؛ لضعف دينه ونقص إيمانه ، وقال آخرون من أهل العلم : تصح إمامته والصلاة خلفه ؛ لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه فتصح صلاة من خلفه ؛ ولأن كثيراً من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق ، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج وهو من أظلم الناس ، وهذا هو القول الراجح ، وهو صحة إمامته والصلاة خلفه ، لكن لا ينبغي أن يتخذ إماما مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير والصلاح .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 12 / 123 – 127 ) .

وسئل الشيخ – رحمه الله – أيضاً - :

ما حكم الصلاة خلف العاصي كحالق اللحية وشارب الدخان ؟ .

فأجاب :

اختلف العلماء في هذه المسألة : فذهب بعضهم إلى عدم صحة الصلاة خلف العاصي ؛ لضعف إيمانه وأمانته ، وذهب جمع كبير من أهل العلم إلى صحتها ، ولكن لا ينبغي لولاة الأمر أن يجعلوا العصاة أئمة للناس مع وجود غيرهم ، وهذا هو الصواب ؛ لأنه مسلم يعلم أن الصلاة واجبة عليه ويؤديها على هذا الأساس فصحت صلاة من خلفه ، والحجة في ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصلاة خلف الأمراء الفسقة : ( يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم ) – رواه البخاري الأذان ( 662 ) - ، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أحاديث أخرى ترشد إلى هذا المعنى ، وصلى بعض الصحابة خلف الحجاج وهو من أفسق الناس ؛ ولأن الجماعة مطلوبة في الصلاة ، فينبغي للمؤمن أن يحرص عليها ، وأن يحافظ عليها ولو كان الإمام فاسقاً ، لكن إذا أمكنه أن يصلي خلف إمام عدل : فهو أولى ، وأفضل ، وأحوط للدين .

" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 400 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

الصلاة تصح خلف المدخن , وصلاة المدخن صحيحة , ومن صحت صلاته : صحت إمامته ؛ لأن المقصود أن يكون إماما لك ، وهذا يكون بصحة الصلاة , ولهذا لو وجدت شخصاً يشرب الدخان , أو حالق اللحية , أو يتعامل بالربا , أو ما شابه ذلك : فلا حرج عليك أن تصلي معه ، وصلاتك صحيحة .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 15 / السؤال رقم 1003 ) .


حكم بيع الدخان
س ما حكم شرب الدخان أو بيعه؟
ج شرب الدخان محرم وكذلك بيعه وشراؤه وتأجير المحلات لمن يبيعه لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ودليل تحريمه قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً). ووجه الدلالة من ذلك أن الله تعالى نهى عن أن نؤتى السفهاء أموالنا لأن السفيه يتصرف فيها بما لا ينفع، وبيّن سبحانه وتعالى أن هذه الأموال قيام للناس لمصالح دينهم ودنياهم، وصرفها في الدخان ليس من مصالح الدين ولا من مصالح الدنيا. فيكون صرفها في ذلك منافياً لما جعله الله تعالى لعباده، ومن أدلة تحريمه قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم). ووجه الدلالة من الآية أنه قد ثبت في الطب أن شرب الدخان سبب لأمراض مستعصية يؤول بصاحبها إلى الموت مثل السرطان فيكون متناولها قد أتى سبباً لهلاكه ومن أدلة تحريمه قوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين). ووجه الدلالة من هذه الآية أنه إذا كان الله قد نهى عن الإسراف في المباحات وهو مجاوزة الحد فيها فإن النهي عن صرف المال في أمر لا ينفع يكون من باب أولى. ومن أدلة تحريمه نهي النبي صلى الله عليه وسلم، عن إضاعة المال ولا شك أن صرف المال في شراء هذا الدخان إضاعة له لأنه إذا صرف المال في مالا فائدة منه فهذه إضاعة بلاشك. وهناك أدلة أخرى، والعاقل يكفيه دليل واحد من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما النظر الصحيح الدال على تحريمه فهو أن كل عاقل لا يمكنه أن يتناول شيئاً يكون سبباً لضرره ومرضه ويستلزم نفاد ماله في صرفه فيه، لأن العاقل لابد أن يحافظ على بدنه وعلى ماله، ولا يهمل ذلك إلا من كان ناقصاً في عقله وتفكيره. ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضاً أن شارب الدخان إذا فقده ضاق صدره وكثرت عليه البلابل والأفكار ولا ينشرح صدره إلا بالعودة إلى شربه، ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضاً أن شربه يستلزم ثقل العبادات على شاربه ولا سيما الصيام، فإن شارب الدخان يستثقل الصوم جداً لأنه حرمان له من شربه من بعد طلوع الفجر إلى غروب الشمس وهذا قد يكون في أيام الصيف الطويلة فيكون الصوم لديه مكروهاً، وحينئذ فإنني أوجه النصيحة لإخواني المسلمين عموماً والمبتلين به خصوصاً بالتحذير منه بيعاً وشرباً وتأجير المحلات من بيعه فيها ومعونة عليه من أي وجه كان.
الشيخ ابن عثيمين


 أنصحك بالإقلاع عن شرب الدخان لأن شرب الدخان محرم بدليل الكتاب والسنة ولا أعني بالدليل هنا الدليل الخاص الذي ينص على هذا الدخان وهو التبغ لأن هذا ما حدث إلا أخيراً لكن في نصوص الكتاب والسنة كلمات عامة جامعة تشمل ما يحدث إلى يوم القيامة فمن النصوص الدالة على تحريمه قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) ومن المعلوم أن هذا الشراب يعني الدخان سبب لأمراض كثيرة مستعصية ربما تؤدي بالإنسان إلى الموت كما قرر ذلك الآن أكابر الأطباء ومنها قوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وهذه وجه دلالتها كالآية الأولى ومنها قوله تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) فالله تعالى نهى أن نؤتي السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في المال نهى أن نعطيهم الأموال وبين أن الله جعل هذه الأموال قياماً للناس تقوم بها مصالح دينهم ودنياهم ومن المعلوم أن الدخان ليس فيه مصلحة لا في الدين ولا في الدنيا بل فيه مضرة أما من السنة فيستدل على تحريمه بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن إضاعة المال وإضاعة المال صرفه فيما لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة والدخان لا فائدة فيه لا في الدنيا ولا في الآخرة فيكون صرف المال فيه إضاعة للمال ومن أدلة السنة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) وهذا الحديث وإن كان فيه مقال ولكن قواعد الشرع تشهد له فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضرر والضرار وهو نفي بمعنى النهي ألا يمارس الإنسان ما فيه الضرر أو ما فيه الإضرار بالغير وحينئذٍ نقول هل في الدخان ضرر أم لا والجواب على لسان الأطباء فيه ضرر وعلى ذلك يكون داخلاً في النهي الوارد في هذا الحديث هذه أدلة تحريم الدخان من حيث الأثر أما من حيث النظر فشارب الدخان يستثقل العبادات

 حكم شرب الدخان، وإمامة من يتجاهر بشربه، وذكر أن البلوى قد عمت بهذا الصنف من الناس.

قد دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعاً، وذلك لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة.

والله سبحانه لم يبح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيباً نافعاً، أما ما كان ضاراً لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيراً لعقولهم، فإن الله سبحانه قد حرمه عليهم، وهو عز وجل أرحم بهم من أنفسهم، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره؛ فلا يحرم شيئاً عبثاً، ولا يخلق شيئاً باطلاً، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة؛ لأنه سبحانه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وهو العالم بما يصلح العباد، وينفعهم في العاجل والآجل، كما قال سبحانه إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ[1]، وقال عز وجل: إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا[2].

والآيات في هذا المعنى كثيرة، ومن الدلائل القرآنية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في سورة المائدة: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ[3]، وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ[4] الآية.

فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين، أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات؛ وهي الأطعمة والأشربة النافعة، أما الأطعمة والأشربة الضارة؛ كالمسكرات والمخدرات، وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل، فهي من الخبائث المحرمة، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره، أن الدخان من المشارب الضارة ضرراً كبيراً، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض؛ كالسرطان وموت السكتة، وغير ذلك.

فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه، ووجوب الحذر منه، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المبين: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ[5]، وقال عز وجل: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا[6].

أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماماً، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين، المعروفين بالدين والاستقامة؛ لأن الإمامة شأنها عظيم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:  ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً))[7] الحديث رواه مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه:  ((إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم))[8].

لكن اختلف العلماء رحمهم الله هل تصح إمامة الفاسق والصلاة خلفه؟ فقال بعضهم: لا تصح الصلاة خلفه؛ لضعف دينه، ونقص إيمانه، وقال آخرون من أهل العلم: تصح إمامته والصلاة خلفه؛ لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه؛ فتصح صلاة من خلفه، ولأن كثيراً من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج، وهو من أظلم الناس.

وهذا هو القول الراجح، وهو صحة إمامته والصلاة خلفه، لكن لا ينبغي أن يتخذ إماماً مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير والصلاح.

وهذا جواب مختصر، أردنا منه التنبيه على أصل الحكم في هاتين المسألتين، وبيان بعض الأدلة على ذلك، وقد أوضح العلماء حكم هاتين المسألتين، فمن أراد بسط ذلك وجده.

والله المسئول، أن يصلح أحوال المسلمين، ويوفقهم جميعاً للاستقامة على دينه، والحذر مما يخالف شرعه؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

 الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء

[1] سورة الأنعام، الآية 128.

[2] سورة النساء، الآية 11.

[3] سورة المائدة، الآية 4

[4] سورة الأعراف، الآية 157.

[5] سورة الأنعام، الآية 116.

[6] سورة الفرقان، الآية 44.

[7] أخرجه مسلم برقم: 1078 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة)، باب (من أحق بالإمامة).

[8] أخرجه البخاري برقم: 592 (كتاب الأذان)، ومسلم برقم: 1080 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة).

حكم تجارة الدخان والكسب الناتج منها

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
محرم 1367 هجرية - 8 ديسمبر 1947 م

المبادئ
1 - الدخان مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة .
2 - التجارة فى الدخان مباحة على الراجح والربح الناتج منها حلال طيب

السؤال
شخص قال أرجو الإفادة عن حكم اللّه فى تجارة الدخان وعما يتبع ذلك من الكسب الناتج عن هذه التجارة .
حيث إن الحاجة ماسة جدا إلى معرفة ذلك

الجواب
الحمد لله وحده .
والصلاة والسلام على من لا نبى بعده . اطلعنا على هذا السؤال المؤرخ فى الثانى من شهر ديسمبر سنة 1947 والمتضمن الاستفتاء عن حكم الشريعة الغراء فى تجاره الدخان والكسب الناتج منها ونقول اعلم أن حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى .
وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء والحق عندنا . كما فى رد المحتار أنه الإباحة، وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة .
كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته .
وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله .
إنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته . ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو أضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما فيدخل فى قاعدة الأصل ى الأشياء الإباحة .
بل قد ثبت خلاف ذلك وفى الأشباه عند الكلام على قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة أو التوقف .
أن أثر ذلك يظهر فيما أشكل أمره ومنه الدخان . وفى رد المحتار أن فى إدخاله تحت هذه القاعدة إشارة إلى عدم تسليم إسكاره وتفتيره وإضراره كما قيل وإلى أن حكمه دائر بين الإباحة والتوقف، والمختار الأول لأن الراجح عند جمهور الحنفية والشافعية كما فى التحرير أن الأصل الإباحة إلا أنه كما قال العلامة الطحطاوى يكره تعاطيه كراهة التحريم لعارض، ككونه فى المسجد للنهى الوارد فى الثوم والبصل وهو ملحق بهما وكونه حال القراءة لما فيه من الإخلال بتعظيم كتاب اللّه تعالى انتهى موضحا وأشار بالنهى المذكور إلى ما فى صحيح البخارى عن ابن عمر رضى اللّه عنهما أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال فى غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعنى الثوم فلا يقربن مسجدنا .
وعن جابر بن عبد اللّه أن البنى صلى اللّه عليه وسلم قال من أكل ثوما أو بصلا فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته .
والعلة فى النهى كراهة الرائحة وإيذاء المسلمين بها فى المساجد .
ولا شك أن للدخان أيضا رائحة مستكرهة عند من لا ستعمله فيكره تعاطيه فى المسجد للعلة المذكورة كما يكره لأجلها غشيان المساجد لمن أكل الثوم والبصل ونحوهما من المأكولات ذات الرائحة الكريهة التى تبدو بالتنفس والجشاء ما دامت فى المعدة .
ويكره تعاطيه أثناء القراءة لكل من التالى والسامع لتحقق العلة المذكورة فيهما .
والكراهة لعارض لا تنافى حكم الإباحة فى عامة الأحوال وقول العمادى بكراهة استعمال الدخان محمول كما ذكره أبو السعود على الكراهة التنزيهية وقول الغزى الشافعى بحرمته قد ضعفه الشافعية أنفسهم ومذهبهم أنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعارض، والكراهة التنزيهية تجامع الإباحة، ومن ذلك يعلم أن الاتجار فيه اتجار فى مباح على الراجح وأن الربح الناتج عنه حلال طيب .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم


0 التعليقات: