الصدفية من الأمراض الجلدية المزمنة التي لا يمكن الشفاء منها. ولا تعتبر الصدفية مجرد
مشكلة جلدية، إذ إنها يمكن أن تصيب أعضاء الجسم الأخرى عبر الأوعية الدموية. ومن خلال العلاج المناسب يمكن السيطرة على الأعراض والتخفيف من حدة المتاعب.
وقال البروفيسور شتيفان بايسيرت -من المستشفى الجامعي بمدينة دريسدن الألمانية- إن هناك عدة أسباب للصدفية، إذ إنها قد ترجع من ناحية إلى العامل الوراثي، ومن ناحية أخرى قد تظهر نتيجة لبعض عوامل الخطورة.
وهناك قائمة طويلة من عوامل الخطورة المحتملة التي قد تؤدي إلى ظهور الصدفية، بدءا من التهاب اللوزتين مرورا بالتغييرات الهرمونية أثناء فترة الحمل أو انقطاع الطمث والتوتر والإجهاد وتناول الخمر ووصولا إلى تعاطي أدوية معينة مثل حاصرات بيتا.
وأضاف البروفيسور أنه يمكن أن تساعد تهيجات الجلد الميكانيكية المستمرة -مثل الاحتكاك بسبب الملابس الملتصقة بالجلد- على إتاحة الظروف المناسبة لظهور الصدفية. ونظرا لتعدد أسباب الصدفية فإنها تختلف بدرجة كبيرة من مريض إلى آخر.
"الصدفية غالبا ما تظهر على شكل مواضع جافة في البشرة مثيرة للحكة في البداية، ثم تظهر فوقها بقع حمراء في وقت لاحق"
مواضع جافة
وأوضح البروفيسور أولريش مروفيتس -مدير مركز الصدفية في مستشفى شليسفيغ هولشتاين الجامعي بمدينة كييل الألمانية- أن الصدفية غالبا ما تظهر على شكل مواضع جافة في البشرة مثيرة للحكة في البداية، ثم تظهر فوقها بقع حمراء في وقت لاحق، ومع مرور الوقت تصبح هذه البقع أكثر سُمكاً وتبرز أكثر عن سطح البشرة ويعلوها قشور بيضاء مائلة إلى اللون الفضي.
وعادة ما تبدأ أعراض الصدفية في الظهور بالكوعين والركبتين وفي فروة الرأس وخلف الأذن وعلى سرة البطن وفي طيات الأرداف، وقد تنتشر في الجسم كله في أسوأ الحالات.
وتنشأ البقع الحمراء ذات القشور الفضية نتيجة لتنشيط خلايا مناعية معينة، ثم تنتقل هذه الخلايا إلى البشرة. وأوضح البروفيسور مروفيتس أن هذه الخلايا تنقل مواد خاصة تؤدي إلى تحفيز الخلايا في
البشرة، كي تجددها بشكل أسرع من المعتاد.
وعادةً ما تحتاج خلايا البشرة إلى 28 يوما للانتقال من الطبقة السفلية للبشرة العلوية إلى الطبقة القرنية الخارجية، ولكن في حالة الأشخاص الذين يعانون من الصدفية فإن هذه العملية تستغرق أقل من أسبوع، وبالتالي تظهر خلايا غير مكتملة على سطح الجلد، وترتبط هذه الخلايا بوجود قشور جافة ملتصقة بها.
التهاب
وأشار رالف فون كيدروفسكي، من الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الجلدية، إلى أن مرض الصدفية ليس مجرد مرض جلدي، إذ يُعتقد اليوم بأنه عبارة عن التهاب يظهر تأثيره في جميع أجزاء الجسم، لأنه يمكن أن ينتشر في الأعضاء الأخرى عن طريق الأوعية الدموية.
"مرض الصدفية ليس مجرد مرض جلدي، إذ يُعتقد اليوم بأنه عبارة عن التهاب يظهر تأثيره في جميع أجزاء الجسم، لأنه يمكن أن ينتشر في الأعضاء الأخرى عن طريق الأوعية الدموية"
ولذلك فإن 20% من مرضى الصدفية يعانون أيضا من آلام المفاصل مثل تورمات في الأصابع والركبتين أو العمود الفقري. بالإضافة إلى أن مرضى الصدفية أكثر عُرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والنوبات القلبية أو السكتة الدماغية.
وأضاف كيدروفسكي أنه لا يمكن التنبؤ بمسار المرض، إذ تحدث انتكاسات مع كثير من المرضى. وتظهر الصدفية مع البعض الآخر في فترة الانتقال بين الصيف إلى الخريف ومن الشتاء إلى الربيع.
وعلل الخبير الألماني ذلك بأن الجهاز المناعي في الأوقات الباردة يكون أكثر تحفزا لمواجهة الفيروسات والبكتيريا بشكل خاص، ويؤدي فرط نشاط الجهاز المناعي إلى تفاقم حالة الصدفية.
وهناك بعض المرضى تظهر عليهم أعراض الصدفية بدون انقطاع، وفي مثل هذه الحالات لا يمكن علاج هذا المرض المزمن، ولكن من خلال اتباع بعض الطرق العلاجية يمكن التخفيف من حدة الأعراض.
الإصابات البسيطة
وفي حالات الإصابة البسيطة بالصدفية -التي تكون فيها المواضع المُصابة أقل من 10% من سطح الجسم- فإنه يتم الاعتماد على الكريمات والمراهم في المقام الأول. وأشار كيدروفسكي إلى أن هذه المستحضرات الطبية عادةً ما تشتمل على مزيج من عنصر الكورتيزون المضاد للالتهابات ومستحضر فيتامين "د 3"، والذي يعمل على تنظيم عملية تكوين الجلد. وينبغي على المرضى وضع الكريم مرة واحدة يوميا، ومن الأفضل أن يستمر استخدام الكريم لمدة أسبوعين.
وبالنسبة لحالات الصدفية المتوسطة إلى الخطيرة فإنه على العكس من الحالة السابقة يتم العلاج من الداخل، وهنا يتم التمييز بين الأدوية التقليدية والمكونات المُعدلة وراثياً، المعروفة باسم المكونات البيولوجية.
وتعمل الأدوية التقليدية في أغلب الأحيان على إبطاء الجهاز المناعي بالكامل، والذي يكون مفرط النشاط في حالة الإصابة بالصدفية.
الضوء
أما المكونات البيولوجية فتستهدف بدورها الهرمونات بشكل محدد، والتي تلعب دورا رئيسيا في الالتهاب. ونظرا لأن تكلفة المواد البيولوجية لا تزال مرتفعة جدا فإنه لا يتم اللجوء إليها إلا عندما لا يظهر أي تأثير للأدوية التقليدية، أو المريض لا يتحملها أو نتيجة لأي أسباب أخرى تحول
دون استخدامها.
ويعتبر العلاج بالضوء أحد طرق العلاج الأخرى للصدفية، إذ يتعرض المريض لضوء الأشعة فوق البنفسجية (UV-B) قصير الموجة. ويمتاز عمق الاختراق لهذا الضوء بأنه قليل جدا، بحيث ينصب التركيز على البؤر الملتهبة في البشرة.
وأوضح البروفيسور مروفيتس أن العلاج بالأشعة فوق البنفسجية يصلح فقط لعلاج الصدفية بشكل محدد زمنيا، مثلاً في حالات الانتكاسات القصيرة. بالإضافة إلى أن المريض يضطر للحضور إلى الطبيب في كل مرة، أما العلاج بالمراهم والكريمات والأدوية الفعالة داخليا فيمكن للمريض تناولها بنفسه في المنزل.
0 التعليقات: