الخميس، 13 أغسطس 2015

الصداف




الصدفية من الأمراض ‫الجلدية المزمنة التي لا يمكن الشفاء منها. ولا تعتبر الصدفية مجرد
‫مشكلة جلدية، إذ إنها يمكن أن تصيب أعضاء الجسم الأخرى عبر الأوعية ‫الدموية. ومن خلال العلاج المناسب يمكن السيطرة على الأعراض والتخفيف من ‫حدة المتاعب.

و‫قال البروفيسور شتيفان بايسيرت -من المستشفى الجامعي بمدينة دريسدن ‫الألمانية- إن هناك عدة أسباب للصدفية، إذ إنها قد ترجع من ناحية إلى ‫العامل الوراثي، ومن ناحية أخرى قد تظهر نتيجة لبعض عوامل الخطورة.
‫وهناك قائمة طويلة من عوامل الخطورة المحتملة التي قد تؤدي إلى ظهور ‫الصدفية، بدءا من التهاب اللوزتين مرورا بالتغييرات الهرمونية أثناء ‫فترة الحمل أو انقطاع الطمث والتوتر والإجهاد وتناول الخمر ‫ووصولا إلى تعاطي أدوية معينة مثل حاصرات بيتا.
‫وأضاف البروفيسور أنه يمكن أن تساعد تهيجات الجلد ‫الميكانيكية المستمرة -مثل الاحتكاك بسبب الملابس الملتصقة بالجلد- على ‫إتاحة الظروف المناسبة لظهور الصدفية. ونظرا لتعدد أسباب الصدفية ‫فإنها تختلف بدرجة كبيرة من مريض إلى آخر.‫
"الصدفية غالبا ما تظهر على ‫شكل مواضع جافة في البشرة مثيرة للحكة في البداية، ثم تظهر فوقها بقع ‫حمراء في وقت لاحق"
مواضع جافة
‫وأوضح البروفيسور أولريش مروفيتس -مدير مركز الصدفية في مستشفى شليسفيغ ‫هولشتاين الجامعي بمدينة كييل الألمانية- أن الصدفية غالبا ما تظهر على ‫شكل مواضع جافة في البشرة مثيرة للحكة في البداية، ثم تظهر فوقها بقع ‫حمراء في وقت لاحق، ومع مرور الوقت تصبح هذه البقع أكثر سُمكاً وتبرز ‫أكثر عن سطح البشرة ويعلوها قشور بيضاء مائلة إلى اللون الفضي.
‫وعادة ما تبدأ أعراض الصدفية في الظهور بالكوعين والركبتين وفي فروة ‫الرأس وخلف الأذن وعلى سرة البطن وفي طيات الأرداف، وقد تنتشر في الجسم ‫كله في أسوأ الحالات.
‫وتنشأ البقع الحمراء ذات القشور الفضية نتيجة لتنشيط خلايا مناعية ‫معينة، ثم تنتقل هذه الخلايا إلى البشرة. وأوضح البروفيسور مروفيتس ‫أن هذه الخلايا تنقل مواد خاصة تؤدي إلى تحفيز الخلايا في
‫البشرة، كي تجددها بشكل أسرع من المعتاد.
وعادةً ما تحتاج خلايا البشرة إلى 28 يوما للانتقال من الطبقة السفلية ‫للبشرة العلوية إلى الطبقة القرنية الخارجية، ولكن في حالة الأشخاص ‫الذين يعانون من الصدفية فإن هذه العملية تستغرق أقل من أسبوع، وبالتالي ‫تظهر خلايا غير مكتملة على سطح الجلد، وترتبط هذه الخلايا بوجود قشور ‫جافة ملتصقة بها.
التهاب
وأشار رالف فون كيدروفسكي، من الرابطة الألمانية لأطباء ‫الأمراض الجلدية، إلى أن مرض الصدفية ليس مجرد مرض جلدي، إذ يُعتقد ‫اليوم بأنه عبارة عن التهاب يظهر تأثيره في جميع أجزاء الجسم، لأنه يمكن ‫أن ينتشر في الأعضاء الأخرى عن طريق الأوعية الدموية.

"مرض الصدفية ليس مجرد مرض جلدي، إذ يُعتقد ‫اليوم بأنه عبارة عن التهاب يظهر تأثيره في جميع أجزاء الجسم، لأنه يمكن ‫أن ينتشر في الأعضاء الأخرى عن طريق الأوعية الدموية"
ولذلك فإن 20% من مرضى الصدفية يعانون أيضا من آلام المفاصل مثل تورمات ‫في الأصابع والركبتين أو العمود الفقري. بالإضافة إلى أن مرضى الصدفية ‫أكثر عُرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري والنوبات القلبية أو ‫السكتة الدماغية.
‫وأضاف كيدروفسكي أنه لا يمكن التنبؤ بمسار المرض، إذ تحدث انتكاسات مع ‫كثير من المرضى. وتظهر الصدفية مع البعض الآخر في فترة الانتقال بين ‫الصيف إلى الخريف ومن الشتاء إلى الربيع. 

وعلل الخبير الألماني ذلك بأن ‫الجهاز المناعي في الأوقات الباردة يكون أكثر تحفزا لمواجهة الفيروسات ‫والبكتيريا بشكل خاص، ويؤدي فرط نشاط الجهاز المناعي إلى تفاقم حالة ‫الصدفية.
‫وهناك بعض المرضى تظهر عليهم أعراض الصدفية بدون انقطاع، وفي مثل هذه ‫الحالات لا يمكن علاج هذا المرض المزمن، ولكن من خلال اتباع بعض الطرق ‫العلاجية يمكن التخفيف من حدة الأعراض.
الإصابات البسيطة
‫و‫في حالات الإصابة البسيطة بالصدفية -التي تكون فيها المواضع المُصابة ‫أقل من 10% من سطح الجسم- فإنه يتم الاعتماد على الكريمات والمراهم في ‫المقام الأول. وأشار كيدروفسكي إلى أن هذه المستحضرات الطبية عادةً ما ‫تشتمل على مزيج من عنصر الكورتيزون المضاد للالتهابات ومستحضر فيتامين "‫د 3"، والذي يعمل على تنظيم عملية تكوين الجلد. وينبغي على المرضى وضع ‫الكريم مرة واحدة يوميا، ومن الأفضل أن يستمر استخدام الكريم لمدة ‫أسبوعين.
‫وبالنسبة لحالات الصدفية المتوسطة إلى الخطيرة فإنه على العكس من الحالة ‫السابقة يتم العلاج من الداخل، وهنا يتم التمييز بين الأدوية التقليدية ‫والمكونات المُعدلة وراثياً، المعروفة باسم المكونات البيولوجية.
وتعمل الأدوية التقليدية في أغلب الأحيان على إبطاء الجهاز المناعي بالكامل، والذي يكون مفرط النشاط في ‫حالة الإصابة بالصدفية.

الضوء
أما المكونات البيولوجية فتستهدف بدورها الهرمونات بشكل محدد، والتي تلعب ‫دورا رئيسيا في الالتهاب. ونظرا لأن تكلفة المواد البيولوجية لا تزال ‫مرتفعة جدا فإنه لا يتم اللجوء إليها إلا عندما لا يظهر أي تأثير ‫للأدوية التقليدية، أو المريض لا يتحملها أو نتيجة لأي أسباب أخرى تحول 
‫دون استخدامها.
و‫يعتبر العلاج بالضوء أحد طرق العلاج الأخرى للصدفية، إذ يتعرض المريض ‫لضوء الأشعة فوق البنفسجية (UV-B) قصير الموجة. ويمتاز عمق الاختراق لهذا ‫الضوء بأنه قليل جدا، بحيث ينصب التركيز على البؤر الملتهبة في البشرة.
‫وأوضح البروفيسور مروفيتس أن العلاج بالأشعة فوق البنفسجية يصلح فقط ‫لعلاج الصدفية بشكل محدد زمنيا، مثلاً في حالات الانتكاسات القصيرة. ‫بالإضافة إلى أن المريض يضطر للحضور إلى الطبيب في كل مرة، أما العلاج ‫بالمراهم والكريمات والأدوية الفعالة داخليا فيمكن للمريض تناولها ‫بنفسه في المنزل.

0 التعليقات: