الأحد، 23 أكتوبر 2016

التهاب المَرارَةُ



التهاب المَرارَةُ 
gallbladder عضوٌ صَغير بشكل الكمَّثرى، يتوضَّع تحت الكبد. والوظيفةُ الرئيسيَّة لها هي تخزينُ الصفراء bile وتركيزُها.
والصفراءُ سائلٌ يُنتَج من الكبد، ويساعد على هضم الدُّهون، ويحمل السُّمومَ التي يُفرِغها الكبد. وهي تمرُّ من الكبد عبرَ مجموعةٍ من القنوات تُدعى الأقنيةَ الصَّفراويَّة bile ducts إلى المرارة، حيث تُخزَّن فيها.
وبمرور الوقت، تصبح الصفراءُ أكثرَ تركيزاً، ممَّا يزيد من كفاءتها في هضم الدُّهون. تُطلِق المرارةُ الصفراءَ نحو القناة الهضميَّة عندَ الحاجة.
المرارةُ عضوٌ مفيد، لكنَّه ليس أساسياً؛ حيث يمكن استئصالُها من دون أن يؤثِّرَ ذلك في القدرة على هضم الطعام.
يؤدِّي التهابُ المرارة الحادّ acute cholecystitis إلى تورُّمها؛ وهو حالةٌ قد تكون خطيرةً بحيث تحتاج إلى المعالجة في المستشفى عادةً.

الأعراض
العرضُ الرئيسيّ لالتهاب المرارة الحادّ هو ألمٌ مفاجئ وشديد في الرُّبع العلوي الأيمن من البطن، ينتشر نحوَ الكتف اليمنى. ويكون الجزءُ المصاب من البطن مؤلماً بشدَّة بالجسِّ عادةً، وقد يتفاقم الألمُ بالتنفُّس العميق.
بخلاف بعض الأنواع الأخرى للألم البطني، يكون الألمُ المرافق لالتهاب المرارة الحادّ مستمراً عادةً، ولا ينقضي خلال بضع ساعات.
ويمكن أن يشكو بعضُ المرضى من أعراض إضافية، مثل:
ارتفاع درجة الحرارة (الحمَّى).
الغثيان والقيء.
التعرُّق.
فقدان الشَّهية.
اصفرار الجلد وبياض العينين (الملتحمة) [اليرقان jaundice].
تبارز في البطن.


طلب المشورة الطبِّية
ينبغي مراجعةُ الطبيب بأسرع ما يمكن إذا حدث لدى الشخص ألمٌ بطني مفاجئ وشديد، لاسيَّما إذا استمرَّ الألمُ أكثرَ من بضع ساعات أو ترافق مع أعراضٍ أخرى، مثل اليرقان jaundice والحمَّى.
تشخيصُ التهاب المرارة الحادّ بأسرع ما يمكن هو أمرٌ مهمّ، لأنَّ هناك خطراً من إمكانية حدوث مضاعفات خطيرة إذا لم تُعالج الحالةُ على الفور.


أسبابُ التهاب المرارة الحادّ
يمكن تصنيفُ أسباب التهاب المرارة الحادّ إلى فئتين رئيسيَّتين: التهاب المرارة الحَصَوي calculous cholecystitis والتهاب المرارة غير الحَصَوي calculous cholecystitis.
التهاب المرارة الحَصَوي
التهابُ المرارة الحَصَوي هو النمطُ الأكثر شيوعاً، والأقل خطورةً عادةً، لالتهاب المرارة الحَادّ؛ وهو مسؤولٌ عن نحو 95 في المائة من جميع الحالات.
يحدث التهابُ المرارة الحَصَوي عندما تُسَدُّ الفتحةُ الرَّئيسيَّة للمرارة، وتُدعى القناة المراريَّة cystic duct، بحصاةٍ مراريَّة gallstone أو بمادَّة تُسمَّى الكُدارَة الصَّفراوِيَّة biliary sludge.
الكُدارَةُ الصَّفراوِيَّة هي مزيجٌ من الصَّفراء (سائِل يُنتَج من الكبد، ويساعد على هضم الدُّهون) وبِلَّورات صغيرة من الكولستيرول والأملاح.
يؤدِّي انسدادُ القناة المراريَّة إلى تراكم الصفراء في المرارة، ممَّا يزيد من الضغط داخلها، ويؤدِّي إلى التهابها. وفي نحو حالة من كلِّ خمس حالات، تُصاب المرارةُ الملتهبة بالعدوى أيضاً.
التهابُ المرارة اللاحَصَوي
يعدُّ التهابُ المرارة اللاحَصَوي نوعاً أقلّ شيوعاً لالتهابِ المرارة الحادّ، لكنَّه أكثر خطورةً عادةً. وهو يحصل كمُضاعفةٍ لمرضٍ خطير أو عدوى أو إصابة تؤذي المرارة.
غالباً ما يترافق التهابُ المرارة اللاحَصَوي مع مشاكل أخرى، مثل تَضرُّر المرارة العارِض خلال جراحة كبرى أو إصابات خطيرة أو حروق أو تسمُّم دموي (إنتان sepsis) أو سوء تغذية شديد أو إيدز.


الأشخاصُ المعرَّضون لالتهابِ المرارة الحادّ
التهابُ المرارة الحادّ هو مضاعفةٌ شائعة نسبياً للحَصَيات المراريَّة gallstones.
يُقدَّر أنَّ نحو 10-15 في المائة من البالغين في الممكلة المتَّحدة - على سبيل المثال - لديهم حَصَياتٌ مَراريَّة؛ وهي لا تسبِّب أيَّ أعراض عادةً، ولكن في نسبةٍ صغيرة من الأشخاص يمكن أن تؤدِّي إلى عوارض غير متكرِّرة من الألم (يُدعَى القولنج أو المغص المراري biliary colic) أو التهاب المرارة الحادّ.


تشخيصُ التهاب المرارة
يقوم الطبيبُ بفحص البطن لتشخيص التهاب المرارة الحادّ؛ وقد يجري اختباراً بسيطاً بحثاً عمَّا يُدعى علامة مورفي Murphy’s sign؛ حيث يطلب من المريض أن يتنفَّسَ بعمق مع وضع الطبيب ليَدِه على البطن، تحت حافَّة الأضلاع مباشرةً.
تتحرَّك المرارةُ إلى الأسفل عندَ الشهيق؛ فإذا كان الشخصُ مصاباً بالتهاب المرارة، سوف يعاني من ألم مفاجئ عندما تلامس المرارةُ يدَ الطبيب الفاحص.
عندما توحي الأعراضُ بالتهاب المرارة الحادّ، سيقوم الطبيبُ بتحويل المريض إلى المستشفى فوراً لإجراء المزيد من الاختبارات وللمعالجة.
تشتمل الاختباراتُ التي يمكن أن تُجرَى في المستشفى على:
اختبارات دمويَّة لتحرِّي علامات الالتهاب في الجسم.
صورة بالأمواج فوق الصوتيَّة للبطن، لتحرِّي الحصيات المراريَّة أو العلامات الأخرى للمشكلة المراريَّة.
صور شعاعيَّة أخرى، مثل التصوير الشعاعي البسيط أو التصوير المقطعي المحوسَب computerised tomography (CT) scan أو التصوير بالرنين المغناطيسي magnetic resonance imaging (MRI) scan، حيث قد تُجرى لتفحُّص المرارة بمزيدٍ من التفاصيل إذا كان هناك شكٌّ في التشخيص.


معالجةُ التهاب المرارة الحادّ
بعدَ تشخيص التهاب المرارة الحادّ، قد يحتاج المريضُ إلى الدخول إلى المستشفى للمعالجة.
المعالجة الأوَّلية
تقوم المعالجةُ الأوَّلية عادةً على:
الصيام (الامتناع عن الطعام والشراب) لتخفيف الوطأة أو الشدَّة عن المرارة.
تلقِّي السَّوائل من خلال تسريبها مباشرةٍ عبر أحد الأوردة للحيلولة دون التجفاف.
استعمال المسكِّنات.
عندَ الاشتباه بعدوى، يمكن أن يُعطى المريضُ مضادَّات حيويَّة، حيث يستمرُّ ذلك لمدَّة أسبوع، ويمكن خلال هذه الفترة أن يُضطرَّ المريضُ للبقاء في المستشفى أو قد يكون بوُسعِه الذهاب إلى المنزل.
مع هذه المعالجة الأوَّلية، تعود الحصياتُ المراريَّة - التي يمكن أن تكونَ قد سَببَّت المشكلة - أدراجَها إلى المرارة، فيتراجع الالتهابُ غالباً.
الجراحة
للوقاية من عودةِ التهاب المرارة الحادّ، والتقليل من خطر حدوث مضاعفاتٍ قد تكون خطيرة، غالباً ما يُوصَى باستئصال المرارة cholecystectomy في مرحلة ما بعدَ المعالجة الأوَّلية.
ومع أنَّ إجراءً بديلاً غير شائع يُدعى فَغر المَرارَة بطَريقِ الجِلد percutaneous cholecystostomy يمكن أن يُجرَى إذا كان الشخصُ متوعِّكاً بشدَّة لا يَقوَى على تحمُّل الجراحة؛ حيث تُغرَز إبرةٌ من خلال البطن لسحب السائل المتراكم في المرارة.
وعندما يصبح المريضُ لائقاً للجراحة، يتخيَّر الطبيبُ أفضلَ وقت لعمليَّة الاستصال. وفي بعض الحالات، قد يحتاج الأمرُ إلى جراحةٍ عاجلة أو في غضون يومٍ أو يومين، بينما يمكن في حالاتٍ أخرى أن يُنصَح المريض بالانتظار حتَّى يشفى الالتهابُ خلال الأسابيع القليلة اللاحقة.
يمكن إجراءُ الجراحة بطريقتين رئيسيَّتين:
استئصال المرارة بتَنظيرِ البَطن laparoscopic cholecystectomy. نمطٌ من الجراحة التنظيريَّة keyhole surgery حيث تُستأصَل المرارةُ باستعمال أدواتٍ جراحيَّة خاصَّة تُدخل عبر عددٍ من الجروح الصغيرة (الشُّقوق أو الثقوب) في البطن.
استئصال المرارة المفتوح open cholecystectomy، حيث تُستأصل المرارةُ من خلال شقٍّ واحد كبير في البطن.
مع أنَّ بعضَ الأفراد الذين خضعوا لاستئصال المرارة ذكروا إصابتَهم بأعراض التطبُّل (انتفاخ البطن) bloating والإسهال بعدَ تناول بعض الأطعمة، لكن يمكن أن تكونَ حياةُ الشخص طبيعيةً تماماً من دون مرارة؛ فمع أنَّ المرارةَ مفيدةٌ، لكنَّها ليست أساسيَّة، حيث يواصل الكبدُ إنتاجَ الصفراء لهضم الطعام.

المضاعفات المحتملة
إذا لم يُعالجَ التهابُ المرارة الحادّ بشكلٍ مناسب، فقد يؤدِّي إلى مضاعفاتٍ خطرة على الحياة أحياناً.
تشتمل المضاعفاتُ الرئيسيَّة لالتهاب المرارة الحادّ على ما يلي:
تموُّت أو تَلَف نسيج المرارة، ويُدعى ذلك التِهاب المرارَة الغَنغريني gangrenous cholecystitis، ممَّا قد يسبِّب عدوى خطيرة يمكن أن تنتشرَ في الجسم.
انثقاب المرارة perforated gallbladder، ممَّا قد يؤدِّي إلى انتشار العدوى في البطن (التِهاب الصِّفاق أو البريتوان peritonitis) أو تراكم القيح (الخُراج).
في نحو حالةٍ من كلّ خمس حالات لالتِهاب المرارَة الحادّ، يحتاج الأمرُ إلى جراحةٍ إسعافية لاستئصال المرارَة بهدف معالجة هذه المضاعفات.


الوقاية من التِهاب المرارَة الحادّ
ليس من الممكن دائماً الوقايةُ من التِهاب المرارَة الحادّ، لكن يمكن التقليلُ من خطر الإصابة بهذه الحالة من خلال الحدِّ من خطر الحصيات المراريَّة.
من الخطوات الرئيسيَّة، التي قد تساعد على التقليل من احتمال الإصابة بالحصيات المراريَّة، تبنِّي نظام غذائي صحِّي ومتوازن والحدّ من تناول الأطعمة الغنيَّة بالكولستيرول، لأنَّه يعتقَد أنَّ الكولستيرول يسهم في تشكيل الحصيات المراريَّة.
كما أنَّ زيادةَ الوزن، لاسيَّما إلى درجة السِّمنة، تزيد من خطر حدوث الحصيات المراريَّة أيضاً. ولذلك، ينبغي التقليلُ من الوزن باعتماد نظام غذائي صحِّي وممارسة النشاط البدني.
ولكن، يجب تجنُّبُ الأنظمة الغذائية قليلة السُّعرات الحراريَّة التي تنقِص الوزن بسرعة، لأنَّ هناك أدلَّة على أنَّ هذهَ الأنظمة قد تؤدِّي إلى اضطراب التركيب الكيميائي الصفراء، ممَّا يزيد بشكلٍ فعلي من خطر الإصابة الحصيات المراريَّة. وبناءً على ذلك، يُفضَّل أن تكونَ خطَّةُ إنقاص الوزن أكثرَ تدرُّجاً

0 التعليقات: